نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 69
كان يدعوهم بكلمة المودة والتعاطف ( يا قوم ) فيواجهوه بالشر الجسيم والتمرد العظيم والجرأة الغليظة . وهود عليه السلام ما كان يدعوهم إلا لعبادة الله . وما كان يخاطبهم إلا بلطف وعطف . وكان عليه السلام يعاتبهم على ما يقومون به من البناء فوق كل مرتفع من الأرض وعلى اتخاذهم مصانع تصنع لهم الحصون لعلهم يخلدون ، وعلى شدتهم وخشونتهم في تعاملهم مع الناس ، وذكرهم بنعم الله تعالى عليهم من أموال وبنين وجنات وعيون ، ودعاهم إلى الرجوع إلى الله ، لأن عدم الرجوع إليه بالتوبة والعمل الصالح سيترتب عليه عذاب يوم عظيم . يقول تعالى : ( كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) [15] . لقد ردهم عليه السلام في دعوته إليهم إلى الحق الذي عليه تقوم الفطرة ، قال لهم : ( يا قوم ) ليلقى خطابه القبول في نفوسهم ، ودعاهم إلى تقوى الله ، وأخبرهم بأنه أمين لهم وأنه يدلهم على الطريق الذي لا يخيب من سار على هداه . وأمرهم بطاعته لأن طاعته هي طاعة الله ، وبين لهم أنه لا مطمع دنيوي له فيما يقوله لهم ، فهو لم يسألهم الأجر . فإذا كان هو الأمين الذي يعرفون أمانته . وهو أيضا الذي لم يسألهم الأجر . فإن في كل هذا دليل على أنه ناصح لهم فيما يدعوهم إليه . كانت هذه مقدمته عليه السلام عندما خاطبهم . ثم بدأ ينتقد حضارة الأخلاق الحديدية فقال : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون ) قال البغوي : الريع : المكان المرتفع [16] . . وكانوا يبنون فوق المرتفعات بنيانا محكما هائلا باهرا [17]