نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 454
يقومون على حاناتها من فتيان الرهبان ونساء القساوسة وبناتهم . وخاصة في أيام الآحاد والأعياد حيث تتوافد مواكب النصارى في أبهى زينة وأجمل زي . وقد وصف الشعراء هذه الأديرة وما يحيط بها من مظاهر الطبيعة . ووصفوا مجالس الشراب في حاناتها . ودور الضيافة بها . وتغزلوا في راهباتها الجميلات وفي أولئك الفتيان والفتيات . الذين كانوا يقدمون عليها ويقدمون الخمر لروادها . ووصفوا مواكب النصارى في طريقهم إليها . وما كان يجري فيها من ألوان العبث [61] . ولما كانت الأديرة تشرف على الثقافة الجديدة التي تجعل من الإسلام اسما ومن القرآن رسما بل لينتهي الأمر معها في عصر من العصور أن يخجل المسلم من الانتساب إلى الإسلام . كان لا بد لتجار المتع أن يطفحوا بألسنتهم كل ما عندهم في هذا الوقت المبكر . ولهذا فتحت الأديرة أبوابها للقصاصين والشعراء . يقول صاحب حياة الشعر . كان من بين هؤلاء الشعراء جماعة يلازمون هذه الأديرة وكثر شعرهم فيها . ولعل أشهرهم شاعران : الثرواني وبكر بن خارجة . ويذكر الرواة أن الثرواني كان له صديقا من رهبان دير الحريق بالحيرة . يوفر له جميع ألوان العبث ليفرغ الثرواني ما في جوفه من الشعر الذي يشيع فيه الجو النصراني . وقد بالغ الثرواني ووصل التطرف في شعره إلى درجة الرغبة في مشاركة النصارى أعيادهم وصلواتهم وعقائدهم بل إلى الدعوة إليها . ولا يبالي أن يفتضح أمره بين المسلمين . بل إنه يدعو إلى تعظيم أحبار النصارى ورهبانهم وصلبانهم التي يبدي إعجابه بها . وينادي بأن يكون مستقره في داخل البيع مع الرهبان والقساوسة . ثم يعلنها جريئة متطرفة : أنه لا يقول هذا عبثا . وإنما هوجاء فيه . أنه ليس كأولئك الخلفاء المنافقين الذين يصطنعون الخلاعة اصطناعا لينالوا من ورائها الشهرة . وهو يريد أن يكون أصحاب الخلاعة على حظ من الشجاعة المعنوية . فإما أن يؤمنوا في نفوسهم بما يفعلونه . وإما أن يتركوا سبيل العبث والخلاعة . ويلزموا سبيل التقوى والصلاح . فيحافظوا على الصلوات وشهود الجمعة وملازمة المساجد . أما هذا النفاق الديني فشئ لا يحبه ولا يرضاه لا لنفسه ولا لهم . ومن شعره في هذا : عظم الأحبار والرهبان والصلب الملاحا