responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 36


قاموا بانتقاص وتحقير كل من هو دونهم ، يقول تعالى : ( فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشر مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين ) [21] .
لم يتجاوز الرد عيونهم ( ما نراك ) و ( ما نرى ) لقد كان لكفار قوم نوح السبق في تدوين فقه النظر الأعمى ما نراك وما نرى ، وهذا الفقه الذي وضعت بذرته الأولى على أرضية قوم نوح . أثمر فيما بعد وقامت على ثماره قاعدة عريضة عمودها الفقري ( ما أريكم إلا ما أرى ) وهذه القاعدة تعهدها فرعون وألقى بها إلى المستقبل لتأخذ الأشكال والوجوه التي تلائم كل عصر من العصور ، لقد بدأ كفار قوم نوح بمصادرة النبوة في قولهم : ( ما نراك إلا بشر مثلنا ) وهذه المصادرة تبتغي في المقام الأول قطع شعاع الهدى عن الناس ليظلوا تحت شعاع الاغواء والتزيين الذي يشرف عليه الشيطان الرجيم . ورفض قوم نوح إطاعة النبي البشر هو من جنس رفض الشيطان السجود لآدم ، لأن الله تعالى هو الذي أمر بالطاعة للرسول وهو الذي أمر بالسجود لآدم ، فرفض الطاعة هو من حقيبة رفض السجود وصاحب حقيبة رفض السجود يطرح الرفض على أوليائه وفقا للزمان والمكان بمعنى أنه ينتقص ويحقر بما يتلاءم مع كل عصر . فقوم نوح قالوا لرسولهم : ( ما نراك إلا بشر مثلنا ) ومن تحت أقدامهم أخذ كفار البشر هذه المقولة وألقوا بها أمام كل رسول من عند الله ، يقول تعالى : ( ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم * ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ) [22] .
لقد طرح الشيطان على عقول أتباعه شبكة الحركة ضد أسباب الكون وجزئياته . كي تعيش البشرية في الضنك وتحت العذاب وهو ما فعل ذلك إلا أنه كاره للبشر وعدوله . ولكن الأغبياء على امتداد المسيرة البشرية لم يتدبروا ذلك ، لأنهم وضعوا على عقولهم وعلى عيونهم شباك من زخرف الحياة . صنعت داخل مصانع الاغواء والتزيين الشيطانية . ورفض قوم نوح الرسول البشر ، يقابله أن



[21] سورة هود ، الآية : 27 .
[22] سورة التغابن ، الآيتان 5 - 6 .

36

نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست