نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 229
( الديمقراطية ) التي يعطيها لهم لتصب في أهدافه في نهاية الأمر . . فسياسة ( ذروني ) تفيد أن هناك اعتراضا على قتل موسى ، وهذا الاعتراض يستقيم مع الخوف الداخلي للفرعون . وخوف فرعون الداخلي هذا ، لا يتعارض مع خروجه وراء موسى بعد ذلك إلى البحر الذي لاقى فرعون فيه حتفه . لأن هذا الخروج كان يخضع لسنة الاستئصال ، فالله تعالى أخرجه من دائرة الغيظ التي كانت تشتعل بداخله لعدم مقدرته قتل موسى الذي يهدد ملكه ، كما أخرجه وأخرج قومه من جنات وعيون وكنوز . كان فرعون يعطيهم فيها مسحة من الحرية التي تصب في أهدافه يقول تعالى : ( فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم ) [155] . ( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه ) . قال المفسرون : وقوله : ( وليدع ربه ) أي فليدع ربه أن ينجيه من يدي وليخلصه من القتل إن قدر . . وقوله هذا مكمل لما سبق للوصول إلى أهدافه السياسية ، فكأنه يقول لقومه : اتركوني أقتل موسى الذي يقول لكم : إنه رسول رب العالمين ، وليدع ربه أن يخلصه من القتل ، فأنتم شاهدتم وتشاهدون أنني أقتل أتباع موسى ولم يخلصهم إله موسى من يدي ، وهذا يثبت ألوهيتي . . وبعد هذه المقدمة طرح فرعون أهدافه ( إني أخاف أن يبدل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد ) [156] فعدم مقدرته على قتل موسى ، جعله يفكر في فرض حصار على دعوة موسى حتى لا تنتشر بين المصريين . قال المفسرون : ذكر لهم أنه يخاف موسى عليهم من جهة دينهم ومن جهة دنياهم . أما من جهة دينهم والذي هو عبادة الأوثان . فأن يقوم موسى بتبديله ويضع موضعه عبادة الله وحده ، وأما من جهة دنياهم ، فإنه إذا عظم أمر موسى وتقوى جانبه وكثر متبعوه فيترتب على هذا تمرد . وينتهي الأمر إلى ضياع الأمن في البلاد [157] . لقد كانت أطروحات فرعون تنطلق من دائرة التكبر والجحود والعناد ، فهو يقتل ولكن دماء القتيل ستطوق عنقه يوم القيامة ، وهو يدافع عن دين الأوثان ودنيا