نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 168
في جوابه عن قولهم إذ قال : ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) ولم يقل : إلى ما آمركم بتركه ، والمراد على أي حال : منعه إياهم عن عبادة الأصنام والتطفيف . فافهم ذلك . ثانيا : أنهم إنما قالوا : ( أن نترك ما يعبد آباؤنا ) دون أن يقولوا : أن نترك آلهتنا ، أو أن نترك الأوثان . ليشيروا بذلك إلى الحجة في ذلك . وهي أن هذه الأصنام . دام على عبادتها آباؤنا ، فهي سنة قومية لنا ، ولا خير في الجري على سنة قومية . ورثها الخلف من السلف . ونشأ عليها الجيل بعد الجيل . فإنا نعبد آلهتنا وندوم على ديننا . وهو دين آبائنا . ونحفظ رسما مليا عن الضيعة . ثالثا : أنهم إنما قالوا : ( أن نفعل في أموالنا ) فذكروا الأموال مضافة إلى أنفسهم . ليكون في ذلك إيماء إلى الحجة . فإن الشئ إذا صار مالا لأحد ، لم يشك ذو ريب في أن له أن يتصرف فيه ، وليس لغيره ممن يعترف بماليته له ، أن يعارضه في ذلك ، وللمرء أن يسير في مسير الحياة ، ويتدبر في أمر المعيشة ، بما يستطيعه من الحذق والاحتيال ، ويهديه إليه الذكاء والكياسة . رابعا : إن قولهم : ( أصلاتك تأمرك - إلى قوله - إنك لأنت الحليم الرشيد ) مبني على التهكم والاستهزاء . إلا أن التهكم في تعليقهم أمر الصلاة شعيبا على تركهم ما يعبد آباؤهم . وكذا في نسبة الأمر إلى الصلاة لا غير ، وأما نسبة الحلم والرشد إليه . فليس فيه تهكم . ولذلك أكد قوله : ( إنك لأنت الحليم الرشيد ) بأن واللام وإتيان الخبر جملة اسمية ، ليكون أقوى في إثبات الحلم والرشد له ، فيصير أبلغ في ملامته والإنكار عليه . وأن الذي لا شك في حلمه ورشده ، قبيح عليه أن يقدم على مثل هذا الأمر السفهي . وينتهض على سلب حرية الناس واستقلالهم في الشعور والإرادة [16] . كان هذا بيان التجار وأعوانهم والمستكبرين وأشياعهم : بيان رفض الصلاة ، وتمسك بعبادة الآباء ونسب الأموال إلى أنفسهم باعتبارهم أحرارا لهم الحق المطلق في اختيار الدين الذي يرون وفي تدبير أمور معيشتهم كما يريدون . فماذا كان رد شعيب عليه السلام على هذا البيان ؟ لقد دفع إليهم في حاضرهم