نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 166
نقص المكيال والميزان ، ثم عاد ثانيا فأمر بإيفاء المكيال والميزان ونهى عن بخس الناس أشياءهم ، إشارة إلى أن مجرد التحرز عن نقص المكيال والميزان لا يكفي في إعطاء هذا الأمر حقه ( وإنما نهى عنه أولا : لتكون معرفة إجمالية . هي كالمقدمة لمعرفة التكليف تفصيلا ) بل يجب أن يوفي الكائل والوازن مكياله وميزانه ، ويعطياهما حقهما ولا يبخسا ولا ينقصا الأشياء المنسوبة إلى الناس بالمعاملة ، حتى يعلما أنهما أديا إلى الناس أشياءهم . وردا إليهم مالهم على ما هو عليه [12] . ثم نهاهم عليه السلام عن الفساد في الأرض . ثم قال : ( بقية الله خير لكم إن كشم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ) والبقية بمعنى الباقي . والمراد به الربح الحاصل للبائع ، وهو الذي يبقى له بعد تمام المعاملة والمعنى : أن الربح الذي هو بقية . هداكم الله إليه من طريق فطرتكم . هو خير لكم من المال الذي تقتنونه من طريق التطفيف . ونقص المكيال والميزان إن كنتم مؤمنين ، فإن المؤمن إنما ينتفع من المال المشروع الذي ساقه الله إليه من طريق حله ، وأما غير ذلك مما لا يرتضيه الله ولا يرتضيه الناس ، بحسب فطرتهم . فلا خير له فيه ولا حاجة له إليه . وبعد أن قال لهم إن كنتم مؤمنين علمتم صحة قولي ، إن بقية الله خير لكم ، قال : ( وما أنا عليكم بحفيظ ) أي : وما يرجع إلى قدرتي شئ مما عندكم من نفس أو عمل أو طاعة أو رزق أو نعمة ، فإنما أنا رسول ليس عليه إلا البلاغ ، لكم أن تختاروا ما فيه رشدكم وخيركم ، أو تسقطوا في مهبط الهلكة من غير أن أقدر على جلب خير لكم . أو دفع شر منكم [13] فهو كقوله تعالى : ( فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ) [14] . هكذا تحدث نبي الله شعيب عليه السلام ، هكذا دعا قومه إلى طريق الصواب ، وبين لهم العديد من حقائق المعارف التي غفلوا عنها ، فماذا كان رد قومه ؟ لقد كان ردهم هو رد اللصوص في كل زمان ومكان . رد الذين تخصصوا في سلب كل فرع وكل غصن وكل زهرة وكل ورقة وكل عشب في أرض الله