نام کتاب : الإمامة وأهل البيت نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 378
قد اخترع بالأحرى حين كان الجدل بين الشيعة وغيرهم من الفرق الإسلامية ، أراد خصوم الشيعة أن يدخلوا في أصول هذا المذهب عنصرا " يهوديا " ، إمعانا " في الكيد لهم ، والنيل منهم ، ولو قد كان أمر ابن السوداء مستندا " إلى أساس من الحق والتاريخ الصحيح ، لكان من الطبيعي أن يظهر أثره وكيده في هذه الحرب المعقدة المعضلة التي كانت بصفين ، ولكان من الطبيعي أن يظهر أثره حين اختلف أصحاب الإمام علي في أمر الحكومة ، ولكان من الطبيعي بنوع خاص أن يظهر أثره في تكوين هذا الحزب الجديد الذي كان يكره الصلح وينفر منه ، ويكفر من مال إليه ، أو شارك فيه . ولكننا لا نرى لابن السوداء ذكرا " في أمر الخوارج ، فكيف يمكن تعليل هذا الإهمال أو كيف يمكن أن نعلل غياب ابن سبأ عن وقعة صفين ، وعن نشأة حزب المحكمة . ثم يعلل الدكتور طه حسين الأمرين بعلة واحدة ، وهي أن ابن السوداء لم يكن إلا وهما " ، وإن وجد بالفعل ، فلم يكن ذا خطر ، كالذي صوره المؤرخون ، وصوروا نشاطه أيام عثمان ، وفي العام الأول من خلافة الإمام علي ، وإنما هو شخص ادخره خصوم الشيعة للشيعة وحدهم ، ولم يدخروه للخوارج ، لأن الخوارج لم يكونوا من الجماعة ، ولم يكن لهم مطمع في الخلافة ، ولا في الملك ، وإنما كانوا حزبا " باقيا " متصلا " ، عظيم الخطر ، ولا سيما بعد أن انقضى عصر بني أمية ، وإنما ضعف أمرهم ، وفل حدهم ، بعد أن تقدم الزمان بدولة بني العباس ، وبقي مذهبهم معروفا " بين المتكلمين ، ولكنه اتخذ في الحياة العلمية أطوارا " مختلفة . ومن ثم فهم لم يكونوا إذا " حزبا " تحتاج خصومته إلى الجدل الشديد المتكلف ، الذي يبغضهم إلى الناس ، ويزهد فيهم أصحاب التقى والورع ، كما كان أمر الشيعة الذين ظلوا ينازعون الملوك والخلفاء سياسة المسلمين [1] .
[1] طه حسين : الفتنة الكبرى - الجزء الثاني - علي وبنوه - القاهرة 1982 ص 90 - 91 .
378
نام کتاب : الإمامة وأهل البيت نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 378