نام کتاب : الإمامة وأهل البيت نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 37
ويقول القرطبي : إن الإمام إنما نصب لدفع العدو ، وحماية البيضة ، وسد الخلل ، واستخراج الحقوق وإقامة الحدود ، وجباية الأموال لبيت المال ، وقسمتها على أهلها [1] . ويقول ابن تيمية : يجب أن يعرف أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لا قيام للدين إلا بها ، فإن بني آدم لا تتم مصالحهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس [2] ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا خرج ثلاثة من سفر ، فليؤمروا أحدهم - رواه أبو داود عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري - [3] . وروى أبو داود أيضا " عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان ثلاثة في سفر ، فليؤمروا أحدهم ، قال نافع : فقلنا لأبي سلمة : فأنت أميرنا [4] . ومن ثم فقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر ، تنبيها " بذلك على سائر أنواع الاجتماع ، ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة ، وكذلك سائر ما أوجبه - من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ، ونصر المظلوم - وإقامة الحدود ، لا تتم إلا بالقوة والإمارة . ومن ثم فقد روى أن السلطان ظل الله في الأرض [5] ، كما قيل : ستون
[1] تفسير القرطبي ص 232 . [2] ابن تيمية : السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ص 160 ( مطبوعات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - 1379 ه / 1960 ) . [3] سنن أبي داود 2 / 34 ( ط الحلبي - القاهرة 1952 ) . [4] سنن أبي داود 2 / 34 . [5] يجب أن يكون واضحا " أن هذا لا يعني أبدا " ، أن الخلافة الإسلامية إنما كانت تمثل حكومة ثيوقراطية ( دينية ) ، كما أنها لم تكن حكومة أرستقراطية ( حكومة الخاصة ) ولا حكومة ديمقراطية ( حكومة الشعب ) ، وإنما كانت حكومة شورى ، والخليفة فيها حاكم سياسي يجمع بين السلطتين الزمنية والدينية أو الروحية ، ولا تتعدى وظيفته الدينية المحافظة على الدين ، ويستطيع باعتباره حامي الدين أن يعلن الحرب على الكفار ، ويعاقب الخارجين على الدين ، ويؤم الناس في الصلاة ، ويلقي خطبة الجمعة ، كما أن الخليفة لم يكن يستمد سلطة الحكم من الله تعالى ، بل من الذين بايعوه ، وقد انقضى نزول الوحي ، منذ اختار الله رسوله إليه ، وبقي كتاب الله بين المسلمين هدى لهم جميعا " وحجة عليهم جميعا " ، فهو ميثاقهم الذي آمنوا به وارتضوه ، وهو دستور الحكم ، يسير الحاكم في حدوده لا يتعداه ، فإن فعل وجبت طاعته ، وإلا فلا طاعة له على مسلم . وهكذا فحكومة الإسلام لم تعرف السلطان المطلق ، ولم يكن للكهنة وجود فيها ، ولا يمكن أن تكون حكومة ثيوقراطية اللون ، وهي لم تكن حكومة أرستقراطية ، ولم يكن استئثار المهاجرين والأنصار باختيار الخليفة من الأرستقراطية في شئ ، فقد كان هؤلاء رجالات من طبقات شتى ، وهم إنما استأثروا بالأمر ، صونا " للنظام القائم ، ودفاعا " عنه : ثم إنهم كانوا طبقة مؤقتة تزول بزوال أفرادها ، لا يرثها أحد ، ولا تقوم مقامها طبقة أخرى ، كما أنها لم تكن حكومة ديمقراطية ( حكومة الشعب ) لأن الشعب لا يملك أن يقرر ما يشاء ، إن كان ما يشاء يتعارض مع كتاب الله ، وسنة رسوله ، ومن ثم فهي حكومة شورى بين المسلمين ، الناس فيها سواسية كأسنان المشط ، ورأسها الأعلى يعلن أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإن عصيت الله ورسوله ، فلا طاعة لي عليكم ( حسن إبراهيم : تاريخ الإسلام السياسي 1 / 429 د محمد حسين هيكل الصديق أبو بكر ص 335 ، 337 ) .
37
نام کتاب : الإمامة وأهل البيت نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 37