نام کتاب : الإمامة وأهل البيت نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 146
1 - فأما عصبية العروق : فإنها فطرة في النفس الإنسانية ، ومن أجل هذا لم يقاومها الإسلام ، مقاومة تقضي عليها ، وإنما كان شأنه معها ، كشأنه مع سائر الأمور الفطرية ، يقوم فيها ما أعوج ، وينهنه منها ما غلا ، وشاهد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يتسنم الشرف من بيته وقبيلته وقومه ، وذلك حيث يقول : إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا " من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم [1] . فالاعتزاز بالعصبية فطرة لم يقاومها الإسلام ، وإنما قاوم الظلم الناجم عنها ، حتى تستقيم الحياة على ما ينفع الناس . غير أن العرب - بما فيهم من فضائل فطرية ، ظاهرتها فضائل الدين - لم يستطيعوا الاحتفاظ طويلا " بهضم نفوسهم ، وقهر شهواتهم ، فنزعوا إلى الاستعلاء بالعروق ، والاستطالة بالأنساب ، فلما مهد الإسلام لهم سبل النعمة ، ومكن لهم من السلطان ، استغلظت بينهم الفتن ، وضرب بعضهم رقاب بعض ، حتى خيم عليهم الفناء ، وكانت السنة المألوفة في صدر الإسلام ، أن تكون كتائب الجيش من القبائل العربية ، وأن يكون أمراؤها من ساداتها . ثم كان الملك العضوض يتربص الدوائر بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، الطاهرين المطهرين ، ضربا " بالسيوف ، وقعصا " بالرماح ، وصلبا " على الأعواد ، يحدث ذلك كله - ويا للعجب - بين أسماع الأمة وأبصارها . ولم تكن عصبيات العروق قد ماتت في أنفس المسلمين ، من غير العرب ، فبدأت تستيقظ عاقدة آملة ، وأعتى الشرور ، شر يزحف مدفوعا " بالحقد مزودا " بالأمل ، وأي أمل آمل من آل البيت ، يتخذهم الطامعون في السلطان ، مسعر فتنة ، كما اتخذ بنو أمية وتباعهم - أول عهد دولتهم بالحياة - قميص عثمان لسان فتنة ، لا يجاريه في فصاحته وبيانه لسان .
[1] صحيح مسلم 15 / 36 ، القسطلاني : المواهب اللدنية 1 / 13 .
146
نام کتاب : الإمامة وأهل البيت نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 146