- كما هو معروف - كان أعلم من في الأمة ، وكانت فيه بلا شك كبرياء العلماء ، ولا يصح إقرانه بغيره بإجماع المسلمين قديما وحديثا . وإلزامه باتباع الكتاب والسنة أمر جد مقبول ولا غبار عليه ، أما إلزامه باتباع أعمال أبي بكر وعمر فقد كان استفزازا ، كما أنه ما أنزل الله به من سلطان ، فأين الدليل على أن الالتزام بأعمال أبي بكر وعمر ( رض ) شرط للخلافة وإدارة الدولة لا تفلح إلا به ؟ ولقد كان لعلي دون ريب مآخذ على أخطاء سياسية ارتكبها الشيخان خلال مدة حكمهما ، وكان أعلم منهما ، فهل يصلح أن يكون الالتزام بأخطاء السلف دستورا للعمل في الدولة ؟ وطبيعي أن رجلا كعلي لا يقبل الإقرار بالالتزام بهذه المخالفات التي ندم عليها من فعلوها أنفسهم . ثم إن هذا الشرط لم يضعه عمر في الدستور الذي تركه - إن جاز لنا اعتبار ما تركه بمثابة دستور للدولة - ولم يكن هذا الشرط إلا تعديلا تعسفيا في الدستور أجراه عبد الرحمن بن عوف بمزاجه لحاجة في نفسه .