تصفية رموز المعارضة تصفية بدنية ، وقمع نهضاتهم على حساب كل المحرمات والمقدسات . حتى إذا جاء دور كتابة السير والتاريخ - بعد قرون من وقوع حوادثه - فإذا بمن كتبوه يصيغونه من وجهة نظر رجال السلطة لا وجهة نظر الذين دفعوا الثمن من دمائهم وأرواحهم ، ولذلك مجدوا كل من في السلطة ، وقدحوا في كل من عارضهم ، ولم يعطوا الثورات والانتفاضات العظيمة حقها من التاريخ ، أو حتى من الإنصاف والأمانة العلمية ، واستمر الحال على هذه الوتيرة إلى أن نزل إلينا في الأصلاب وورثناه كابرا عن كابر ، وإذا بما فشا في أيدينا عبر قرون وقرون يصور لنا من في السلطة على أنهم أهل الحق ، ومن عارضوها على أنهم مارقون خارجون عن الجماعة ، وصدقناهم دون أن ننظر إلى تاريخهم نظرة تحليل تدرس الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي عاش في ظلها هؤلاء الكتاب ، وما تأثروا به ومن أثر فيهم . . إلى غير ذلك من عوامل المجتمع التي تتحكم بالضرورة في صياغة التاريخ .