واعتقادي أن الحاضر البائس الذي نعيشه مربوط بالماضي ، ولا يمكن فهمه إلا بالرجوع إلى الأصل والكشف عن الجذر ، ومعالجته من العقم ، لأن المجتمعات البشرية - خصوصا الفكرية ( الإيديولوجية ) عملية حيوية ودورة دائمة كالدورة الدموية ، لا تقف إلا إذا مات البشر كلهم ، ومن هنا فإن حاضر الحركة الإسلامية ليس إلا امتدادا لماضيها ، بل لا أبالغ إن قلت أنه امتداد للوضع السياسي الذي واجهته الأمة الإسلامية بعد وفاة المؤسس الأول عليه وآله الصلاة والسلام . فالذين تميزوا بوضوح الرؤية من رجال الجيل الأول ، وتبلورت لديهم المفاهيم ، تمسكوا بها وبقوا بعيدا عن السلطة ، وخضعوا للتقتيل والتشريد والمصادرة والحرمان السياسي والاقتصادي شأنهم شأن المعارضين في كل مكان كل بحسب نظريته ، فنضجت أفهامهم واستوت ، واكتملت نظريتهم ، إذ كان عليهم عرضها وتقديمها للناس مزينة بالأدلة العقلية والنقلية ، مكتملة من كل جوانبها أو تكاد ، وظلوا كذلك منذ البداية ،