منه متحلل ، هو الفيصل في المنازعات إذا نشبت ، والقائل بكلمته إذا الأمور ادلهمت ، لما له من علم شامل واسع ، وعقل مدبر ، وروح شفافة ، ولكونه قد شرب مما لم يشرب منه غيره ، واختصه النبي المؤسس بما لم يطلع عليه غيره . وقد وجد هذا المرجع فعلا ، وبهذه المواصفات فعلا ، فكان إماما يسلم الكل بإماماته ، ويحتاجون إلى رأيه ، ويلجأون إليه في المعضلات ، فقد حفظت لنا كتب التاريخ والحديث رأيهم فيه ، وتسليمهم بمنزلته ، حتى كان إذا وقع أحدهم في ورطة قال ( معضلة ولا أبا حسن لها ) . لكنهم مع هذا ، ورغم وجود المرجع بينهم ، واستشارتهم له ، لم يجعلوا لرأيه إلزاما ، فكانوا يطلبون رأيه فيشير عليهم ويستحسنونه ، لكنهم بعد ذلك أحرار في أن يعملوا به أو لا يعملوا . ومن هنا وقعت المخالفات لأنهم سلموا للإمام المرجع بمنزلته ، ولم يضعوا في يديه قوة التنفيذ والإلزام ، فصار رأيه بلا وزن في الدولة . هذه واحدة .