نام کتاب : ابتلاءات الأمم نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 218
والنصارى ، ثم ذكر ما أوتي النبيون من ربهم لتشمل الشهادة جميع الأنبياء فيستقيم قوله بعد ذلك " لا نفرق بين أحد منهم " . ثم قال تعالى : * ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) * أي . فإن آمنوا بما آمنتم به من الإيمان بجميع كتب الله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم فقد أصابوا الحق وأرشدوا إليه . من الآيات السابقة يمكن أن نستشف الثقافة التي كان اليهود والنصارى يبثونها على عهد الرسالة الخاتمة . فلقد ادعوا بأنهم أبناء الله وأحباؤه ، وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا ، ويبدو أن القرآن عندما ضرب العمود الفقري لثقافتهم هذه ، قرروا بأن يعمل كل حي من أحيائهم على انفراد ، ويمكن أن نستشف ذلك من قوله تعالى : * ( وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب ) * [1] قال المفسرون : هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله ( ص ) ، وهذا القول يقتضي أن كلا من الطائفتين صدقت فيما رمت به الطائفة الأخرى ، ولكن ظاهر سياق الآية يقتضي ذمهم فيما قالوه مع علمهم بخلاف ذلك ، ولهذا قال تعالى : * ( وهم يتلون الكتاب ) * أي وهم يعلمون شريعة التوراة والإنجيل ، كل منهما قد كانت مشروعة في وقت ، ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عنادا وكفرا ومقابلة للفاسد بالفاسد [2] ، وبالجملة : قد كان أوائل اليهود والنصارى على شئ ، وهذا لا تخلو منهم كتبهم لإقامة الحجة عليهم على امتداد المسيرة ، ثم ابتدع الذين من بعدهم وتفرقوا ، ثم جاء العلماء الذين وضعوا التفسير الشفهي للتوراة ( التلمود ) وعنده انقسم اليهود إلى فرق وأحزاب ، وانتهى الأمر بأن وقف الحي اليهودي داخل دائرة حددها