وكشفت عن مساويها فإياك أن تغتر بما ترى من اخلاد أهلها إليها وتكالبهم عليها ، وإنما أهلها كلاب عاوية وسباع ضارية يهر بعضها على بعض يأكل عزيزها ذليلها وكبيرها صغيرها [1] فان تزهد فيما زهدك الله فيها من الدنيا وتفرق نفسك عنها فهي أهل ذلك ، وان كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فأعلم يقينا إنك لن تبلغ أملك ولن تعدو أجلك ، وانك في سبيل من كان قبلك فاخفض في الطلب وأجمل في المكتسب فإنه رب طلب قد إلى حرب وليس كل طالب بناج وكل مجمل بمحتاج ، وأكرم نفسك عن كل دنية وان ساقتك إلى الرغبة فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ، وإياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة ، ولا تأمن خدع الشيطان واحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء ، وحفظ ما في يدك أحب إلي من طلب ما في يد غيرك ، والعفاف مع الكفاف خير من سرور مع فجور . وفي رواية : حسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الاسراف ، وحسن الياس خير من الطلب إلى الناس ، والمرء أحفظ لسره ورب ساع فيما يضره ، من أكثر هجر ومن تفكر أبصر ، وإياك الاتكال على المنى فإنها يضايع النوكى وتثبط عن خير الآخرة والدنيا ، ومن اغتر اغتبط ، ومن خير حظ المرء قرين صالح ، فقارن أهل الخير تكن معهم وباين أهل الشر منهم ، ولا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا ، وما خير خير لا ينال إلى بشر ، ولا يغلبن عليك سوء الظن ، فإنه لن يدع بينك وبين خليل لك صلحا وقد يقال : من الحزم سوء الظن ، بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف
[1] من هنا محذوف أكثر درره وغرره الحكمية عليه السلام وتجدها بفصه ونصه في شرح النهج وتحف العقول .