وقوله ( عليه السلام ) : « ما أنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزائِم اليَوْمِ » [1] . أصله أنّ الإنسان يعزم في النهار على المسير بالليل ليقرب المنزل فإذا جاء الليلُ نام إلى الصباح فانتقض بذلك عزمه ، فضربه ( عليه السلام ) مثلاً لمن يعزم على تحصيل الأُمور الكبار والسعي فيها ثمّ يلزم الدعة [2] . واعتزم الفرسُ في عِنانه ، إذا مرَّ جامحاً لا ينثني [3] . واستعير منه لجريان الفتن وتتابعها في حديث عليّ ( عليه السلام ) : « أَرْسَلَهُ على حِيْنِ فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ ، وطُولِ هَجْعَة من الأُمم ، واعْتِزَامِ مِن الفِتَن » [4] . وناقة عوزم : مُسِنّة وفيها بقيّة [5] . واستعارها ( عليه السلام ) للسنن الرشيدة بقوله : « إنَّ عَوَازِمَ الأَمُورِ أفضَلُها ، وإنّ مُحْدِثَاتِهَا شِرَارُهَا » [6] . قال ابن ميثم : إمّا قديمها ، وهو ما كان عليه عهد النبوّة ، وإمّا جوازمها ، وهي المقطوع بها دون المحدثات [7] .
[ عزا ] في حديث عليّ ( عليه السلام ) محذّراً من طاعة أهل الكبرياء : « دَعَائِمُ أَرْكَانِ الفِتْنَةِ ، وَسُيُوفُ اعْتِزَاءِ الجَاهِليّة » [8] .
الاعتزاء : الانتماء . والادّعاءُ ، والشِّعار في الحرب منه ، والاسم العَزاء ، وعزا فلانٌ نفسه إلى بني فلان يعزوها عَزْواً ، وعَزا واعتزى وتعزّى ، كله : انتسب ، صدقاً كان أو كذباً ، وانتمى إليهم مثله . والعَزاءُ والعِزوة : اسم لدعوى المستغيث ، وهو أن يقول : يالَفلان ، أو ياللأنصار ، أو ياللمهاجرين ! قال الراعي :
فلمّا التقت فرساننا ورجالهم * دَعَوا : يالَكعب ! واعتزينا لعامِر [1] وفي حديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « من تعزّى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهنِ أبيه ولا تكنوا » .
قال الكسائي : يعني انتسب وانتمى ، كقولهم ، يا لفلان ! ويا لبني فلان ! .
فقوله : عزاء الجاهلية ، الدعوى للقبائل أن يقال : يالَتميم ! ويا لَعامِر ، وأشباه ذلك .
ويقال منه : عزوت الرجل إلى أبيه ، وأعزيته وعزّيته لغتان ، إذا نسبته إليه . وكذلك الحديث إذا أسندته [2] . ومنه جاء الحديث