نام کتاب : موارد الظمآن نویسنده : الهيثمي جلد : 1 صفحه : 51
و بعد التتبع و الدرس و التمحيص وجدنا أن المجاهيل الذين يوثقهم ابن حبان - كما يزعم الكثير - فريقان : الفريق الأول : و هم الذين لا يروي عنهم غير واحد ، و هو الأهم . و الفريق الثاني : و هم الذين روى عنهم أكثر من واحد . نقول : أما بالنسبة للفريق الأول ، فإن عبد الرحمن بن نمر قد تفرد بالرواية عنه الوليد بن مسلم ، و قد غمز جانبه بعض أئمة الجرح ، و مع ذلك فهو من رجال الشيخين . و قد انفرد البخاري في الرواية عن : 1 - زيد بن رباح المدني . 2 - و عمر بن محمد بن جبير بن مطعم . 3 - و محمد بن الحكم المروذي . 4 - و الوليد بن عبد الرحمن بن حبيب الجارودي . و لم يرو عن كل واحد منهم إلا راو واحد . كما تفرد مسلم بالرواية عن جابر بن إسماعيل الحضرمي ، و لم يرو عنه غير راو واحد أيضا . و قال شيخ الإسلام ابن حجر : ( . . . و أما زيد بن رباح فقال فيه أبو حاتم : ما أرى بحديثه بأسا ، و قال الدارقطني ، و غيره : ثقة . و قال ابن عبد البر : ثقة مأمون ، و ذكره ابن حبان في الثقات فانتفت عنه الجهالة بتوثيق هؤلاء . و أما الوليد فوثقه أيضا الدارقطني ، و ابن حبان . و أما جابر فوثقه ابن حبان ، و أخرج له ابن خزيمة في صحيحه و قال : إنه ممن يحتج به ) . و قال ابن الصلاح في المقدمة ص : ( 54 ) : ( قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد ، منهم : مرداس الأسلمي ، لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم . و كذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد ، منهم : ربيعة بن كعب الأسلمي ، لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن ، و ذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه . و الخلاف في ذلك متجه في التعديل نحو اتجاه الخلاف المعروف في الاكتفاء بواحد في التعديل على ما قدمناه والله أعلم ) . و قال ابن حزم في ( المحلى ) 4 / 53 : ( . . . و عبد الله بن بدر ثقة مشهور ، و ما نعلم أحدا عاب عبد الرحمن - يعني : ابن علي بن شيبان - بأكثر من أنه لم يرو عنه إلا عبد الله بن بدر ، و هذا ليس بجرحة ) . و قد زعم الحاكم في ( المدخل ) أن الشيخين لم يخرجا في الصحيحين عن أحد من الصحابة الوحدان ، و تعقبه النووي في مقدمته لشرح صحيح مسلم 1 / 22 بقوله : ( و أما قول الحاكم : إن من لم يرو عنه إلا راو واحد فليس هو من شرط البخاري و مسلم ، فمردود ، غلطه الأئمة فيه بإخراجهما حديث المسيب بن حزن والد سعيد بن المسيب في وفاة أبي طالب ، لم يرو عنه غير ابنه سعيد ، و بإخراج البخاري حديث عمرو بن تغلب ( إني لأعطي الرجل و الذي أدع أحب إلي ) ، لم يرو عنه غير الحسن . و حديث قيس بن أبي حازم ، عن مرداس الأسلمي ( يذهب الصالحون ) ، لم يرو عنه غير قيس . و بإخراج مسلم حديث رافع بن عمرو الغفاري ، لم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت . و حديث ربيعة بن كعب الأسلمي ، لم يرو عنه غير أبي سلمة ، و نظائر - في الصحيحين - لهذا كثيرة . والله أعلم . و تبع البيهقي الحاكم ، و تعقبه ابن التركماني بمثل ما تعقب به النووي الحاكم . انظر سنن البيهقي 4 / 105 . و قال محمد بن إبراهيم الوزير في ( تنقيح الأنظار ) : ( بل الذي تقتضيه الأدلة أنه لو وثقه واحد ، و لم يرو عنه أحد ، أو روى عنه واحد ، و وثقه هو بنفسه ، لخرج عن حد الجهالة ، فقد نص أهل الحديث أن التعديل يثبت بخبر الواحد ) . انظر ( توضيح الأفكار ) 2 / 187 . و قال أبو الحسن بن القطان - و وافقه ابن حجر - : ( إن زكاه أحد من أئمة الجرح و التعديل مع رواية واحد عنه ، قبل ، و إلا فلا ) . و أما بالنسبة للفريق الثاني ، فإن إسحاق بن إبراهيم بن محمد الصواف روى عنه جماعة ، و لم يوثقه غير ابن حبان ، و من وثقه بعده فقد تابعه ، و هو من رجال البخاري . و قد روى مسلم للوليد بن سريع ، و عبد الله بن سلمان الأغر ، و قد روى عن كل منهما أكثر من واحد و لكن لم يوثقهما غير ابن حبان . و هناك كثير ممن هذه حالهم ، و قد أخرج لهم أصحاب السنن كأبي الأحوص ، و أبي أرطاة ، و أبي إبراهيم الأشهلي ، و أبي راشد ، و يزيد بن الحوتكية ، و محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث . . . غير أنني اكتفيت في إيراد بعض من هذا وصفه ، و له رواية في الصحيح ليكون دفع ما وصف فيه ابن حبان أبلغ ، و نفيه عنه أحكم . و قال الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) 3 / 426 : ( و في رواة الصحيحين عدد كثير ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم . و الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ، و لم يأت بما ينكر عليه ، أن حديثه صحيح ) .
نام کتاب : موارد الظمآن نویسنده : الهيثمي جلد : 1 صفحه : 51