وبعد هذه الحياة الحافلة جدا واجتهادا بما لها وما عليها ، وقع لأبي الفرج محنة عظيمة ، أفاضت الكتب بذكرها ، وتتلخص في حمل الرافضة وكارهي الحق وأهله عليه ، والوشاية به إلى السلطان ، فحمل مهانا ذليلا ، إلى واسط ، وسجن فريدا خمس سنين ، ثم أعيد إلى بغداد بعد معاناة طويلة .
ومات ابن الجوزي - رحمه الله تعالى وغفر له - ليلة الجمعة الثالث عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، ودفن بعد صلاة الجمعة ، في يوم مشهود ، وجنازة حضرها الجموع الغفيرة ، وأفاضت الكتب بوصفها ، والحديث عنها .
* * * الكشف عن مشكل الصحيحين :
ألف أبو الفرج ابن الجوزي الكتاب الذي بين أيدينا كشف وشرحا لكتاب أبي نصر الحميدي « الجمع بين الصحيحين » . وقبل الحديث عن عمل المؤلف في الكتاب نشير إلى المقدمة الوجيزة التي صنعها له ، والتي بدأها بحمد الله تعالى ، والصلاة والسلام على نبيه ، ثم الإشادة بعلماء الحديث ، والإشارة إلى جهودهم الكبيرة في الرحلة لجمع الحديث ، والاجتهاد في تنقيحه وتصحيحه ، ثم تحدث عن فتور الهمم بعد ذلك حتى قام الحميدي بجمع « الصحيحين » في كتاب واحد « فصار - لقدرة في نفسه - مقدما على جميع جنسه ، فتعلق به من بقي عنده من الرغبة في النقل رمق » . وذكر أنه طلب منه شرح مشكل الكتاب ، فظن

مقدمة المحقق 13