أما الحمد فباللسان كما جاء في الكشاف " فهو إحدى شعب الشكر ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " الحمد رأس الشكر ، ما شكر الله عبد لم يحمده " وإنما جعله رأس الشكر لان ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيع لها ، وأدل على مكانها من الاعتقاد وآداب الجوارح ، لخفاء عمل القلب وما في عمل الجوارح من الاحتمال ، بخلاف عمل اللسان وهو النطق الذي يفصح عن كل خفي ويجلي كل مشتبه " . ويعقب الجرجاني على قول صاحب الكشاف إن الحمد إحدى شعب الشكر " أي باعتبار المورد ( اللسان واليد والقلب ) وإن كان الشكر باعتبار المتعلق إحدى شعب الايمان " : ذلك الحمد هو الثناء والنداء على الجميل من نعمة وغيرها . تقول : حمدت الرجل على إنعامه ، وحمدته على حسبه وشجاعته . كما في الكشاف . والحمد والمدح أخوان عند صاحب الكشاف ، أي هما مترادفان ، وقيل : أراد أنهما أخوان في الاشتقاق الكبير ، ويشهد له وجهان ينقلهما الجرجاني : الأول : أن الشائع في كتب المصنف استعمال الأخوة فيما بين لفظين يتلاقيان في الاشتقاق الكبير أو الأكبر ، أما الكبير فبأن يشتركا في الحروف الأصول من غير ترتيب مع اتحاد في المعنى أو تناسب فيه كالجذب والجبذ ، وكالحمد والمدح ، وأما الأكبر فبأن يشتركا في أكثر تلك الحروف فقط ، ويتناسبا في الباقي مع الاتحاد أو التناسب في المعنى كاله ووله ، وكالفلق والفلج . الثاني أن الحمد مخصوص بالجميل الاختياري ، والمدح يعمه وغيره ، يقال : مدحت اللؤلؤة على صفائها ، ولا يقال : حمتها . هذا رأي التفتازاني أي في تخريج كلام الزمخشري الذي ورد في الكشاف وفي الفائق أيضا . ولكن الجرجاني يذهب إلى أن المدح والحمد مترادفان عند الزمخشري " إما بعدم قيد الاختيار في الحمد أو باعتبار فيهما " كما كتب أبو البقاء في كلياته .