أن عبد السلام بن صالح ما هو ثقة ولا هو مأمون ، فكيف الجمع بين هذا وذاك . وقد تعقبه الحافظ في حكمه على هذا الحديث بالوضع في ترجمة جعفر بن محمد الفقيه فإنه أورد له هذا الحديث وقال : موضوع [1] ، فتعقبه الحافظ في اللسان بقوله : وهذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل فلا ينبغي أن يطلق عليه القول بالوضع [2] ا ه ، وصرح الذهبي ببطلان حديث الطير في نحو عشرين موضعا من الميزان ، وضعف به خلائق ليس له على ضعفهم دليل سوى روايته ثم لم يجد بدا من اعترافه به لكثرة طرقه التي تغلبت على نصبه سامحه الله فصرح بثبوته في تذكرة الحفاظ [3] .
وأما النووي رضي الله عنه : فإنه قال ذلك عن تقليد لمن سبقه من الحفاظ ، ولو نظر في طرق الحديث وحكم باجتهاده لما أمكن أن يصدر عنه القول بوضعه فإنه حكم بصحة أحاديث لا تبلغ رتبة هذا ولا تقاربه ، وكم أوقعه التقليد في مزالق الأوهام التي كثر بها تعقب المتأخرين عليه فيما حكم به على الأحاديث ردا وقبولا وتصحيحا وتضعيفا [4] .
وأما صاحب " أسنى المطالب " فليس هنالك حتى ينتصب في مصاف الرجال وينتظم في سلك هؤلاء الأبطال ، وإنما ذكرته لأنبه على سقوط كتابه المتداول بين العامة فإنه أكثر الكتب خطأ وأقلها فائدة ونفعا ، وما أدري ما الذي دفع صاحبه لتأليفه مع بعده عن معرفة الحديث وصناعته ، والعجب