ووافقه الحاكم فيما نقله ابن أمير الحاج [1] وإن تقدم عليه ما يخالفه فإن هذا ناشئ عن تهور وعدم تأمل ، ويكفي في إبطاله ما تقدم عن جماعة من الأئمة كالثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وابن أبي ليلى وآخرين ، من قبول رواية المبتدع مطلقا سواء كان داعية أو غير داعية ، وعن جماعة من أهل الحديث والكلام من قبول روايته ولو كان كافرا ببدعته ، فكيف وقد احتج الشيخان والجمهور الذين منهم ابن حبان والحاكم الحاكيان لهذا الإجماع بأحاديث الدعاة كحريز بن عثمان وعمران بن حطان وشبابة ابن سوار وعبد المجيد الحماني وأضرابهم ، بل قد فسروا الدعاية بالاعلان والأظهار وإن لم تحصل دعوة بالفعل لأنه متى أعلن مذهبه ونشره بين الناس كان الغرض من ذلك الدعاية إليه بتحسينه وترويجه ، وحينئذ فكل مبتدع داعية إلا القليل النادر فما فائدة هذا الاشتراط ، ثم هو أيضا باطل من جهة النظر والدليل ، فإن الداعية لا يخلو أن يكون دينا ورعا أو فاسقا فاجرا ، فإن كان الأول فدينه وورعه يمنعانه من الإقدام على الكذب ، وإن كان الثاني فخبره مردود لفسقه وفجوره لا لدعوته ، فبطل هذا الشرط من أصله .
( فصل ) : وأما اشتراط كونه روى ما لا يؤيد بدعته فهو من دسائس النواصب التي دسوها بين أهل الحديث ليتوصلوا بها إلى إبطال كل ما ورد في فضل علي عليه السلام ، وذلك أنهم جعلوا آية تشيع الراوي وعلامة بدعته هو روايته فضائل علي عليه السلام ، كما ستعرفه ، ثم قرروا أن كل ما يرويه المبتدع مما فيه تأييد لبدعته فهو مردود ولو كان من الثقات ، والذي فيه تأييد التشيع في نظرهم هو فضل علي وتفضيله