وتعالى ، أنه نفس : أنه موجود ثابت غير منتف ولا معدوم ، وكل موجود نفس ، وكل معدوم ليس بنفس . والنفس في كلام العرب على وجوه : فمنها نفس منفوسة مجسمة مروحة ، ومنها مجسمة غير مروحة ، تعالى إلى عن هذين علوا كبيرا . ومنها نفس بمعنى إثبات الذات ، كما تقول في الكلام : هذا نفس الأمر ، نريد إثبات الأمر ، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا : فعلى هذا المعنى يقال في الله سبحانه أنه نفس ، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا .
وقد قيل في قوله عز وجل ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) أي تعلم ما أكنه وأسره ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه ، ومثل هذا قول النبي ( ص ) ( فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ) أي حيث لا يعلم به أحد ولا يطلع عليه اه . فتبين أن اطلاق النفس على الله تعالى ، بمعنى الذات وليس هو صفة زائدة كما يفهمه كلام المؤلف . قال ابن بطال : في هذه الآيات والأحاديث إثبات النفس لله ، وللنفس معان ، والمراد بنفس الله ذاته وليس بأمر مزيد عليه ، فوجب أن يكون هو اه . وأعود فأقول : لا أدري سر حرص المؤلف على نسبة الألفاظ الموهمة ، صفة الله عز وجل .
نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء وروى فيه حديث ابن عباس ، قال جاء رجل إلى النبي ( ص ) ، ومعه جارية أعجمية سوداء فقال : علي رقبة ، فهل تجزئ هذه عني ؟ فقال : ( أين الله ؟ ) فأشارت بيدها إلى السماء ، فقال : ( من أنا ؟ ) فقالت رسول الله . قال :
( أعتقها فإنها مؤمنة ) . ثم قال المؤلف : حديث معاوية بن الحكم أصح إسنادا من هذا . قلت : إسناد هذا الحديث فيه سعيد بن المرزبان ضعيف مدلس ، بل متروك . وحديث معاوية بن الحكم ، في صحيح مسلم ، لكنه شاذ مردود لوجوه :
( أولا ) : مخالفته لما تواتر عن النبي ( ص ) : أنه كان إذا أتاه شخص يريد