إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها فإنما أراد الحوامل اللاتي لم يضعن أحمالهن فإذا بعثن أسقطن تلك الأحمال من فزع يوم القيامة ثم إن كانت الأحمال أحياء في الدنيا أسقطنها يوم القيامة أحياء ولا يتكرر عليها الموت وإن كانت الأحمال لم ينفخ فيها الروح في الدنيا أسقطنها أمواتا كما كانت لأن الإحياء إنما هو إعادة الحياة إلى من كان حيا فأميت ومن لم يكن له في الحياة الدنيا نصيب فلا نصيب له في الحياة الآخرة وقد ذكر الله عز وجل في غير آية من كتابه إثبات البعث منها قول الله عز وجل « أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم » وقال « أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير » فأحال بقدرته على إحياء الموتى على قدرته خلق السماوات والأرض التي هي أعظم جسما من الناس ومنها قوله عز وجل قال من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم فجعل النشأة الأولى دليلا على جواز النشأة الآخرة لأنها في معناها ثم قال الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون فجعل ظهور النار على حرها ويبسها من الشجر الأخضر على نداوته ورطوبته دليلا على جواز خلقه الحياة من الرمة البالية والعظام النخرة وقد نبهنا