الكافر في النظر بطل قوله بنفسين أمات أحدهما قبل البلوغ وأمات الآخر بالغا كافرا مع علمه بأنه لو بلغ كان كافرا ونفسين أمات أحدهما مؤمنا وأبقى الآخر سنة أخرى حتى كفر مع علمه بأنه يكفر والكلام في هذا يكثر 192 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال سمعت أبا عثمان الخياط يقول سمعت ذا النون يقول ثلاثة من علامات التوفيق الوقوع في أعمال البر بلا استعداد له والسلامة من الذنب مع الميل إليه وقلة الهرب منه واستخراج الدعاء والابتهال وثلاثة من علامات الخذلان الوقوع في الذنب مع الهرب منه والامتناع من الخير مع الاستعداد له وانغلاق باب الدعاء والتضرع قال البيهقي رحمه الله وقد روينا في هذه المسائل ما جاء في الأخبار والآثار في كتاب القدر وأجبنا عما يحتجون به من الآيات والأخبار واقتصرنا على ما نقلنا في هذا الكتاب نحو الاختصار وبالله التوفيق ومما يحق معرفته في هذا الباب أن الله عز وجل لا يجب عليه شيء ولا علة لصنعه ولا يقال لم فعل لأنه لو كان لفعله علة فإن كانت قديمة اقتضت قدم معلولها وذلك محال وإن كانت حادثة كانت لها علة أخرى ولتلك العلة علة أخرى حتى تودي إلى ما لا يتناهى وذلك محال وإن استغنت العلة عن العلة استغنى الحوادث عن العلة وذلك محال فدل أن ربنا جل وعز فعال لما يريد لا علة لفعله ولا معقب لحكمه وأنه علم في الأزل ما يكون من الحوادث بخلقه فقدره على ما لم يزل عالما به ثم خلقه على ما قدره فلا تبديل لحكمه ولا مرد لقضائه وفي الإيمان به وجوب التبري من الحول والقوة إلا إليه والاستسلام للقضاء والقدر بالقلب واللسان أما بالقلب بأن لا ينظر ولا يباشر مما يجري به القضاء مما يوافقه ولا يأسف ولا يحزن لما يأتي به القضاء مما لا يوافقه وأما باللسان فهو أن لا يفتخر بما يعجبه على غيره ولا ينسب ذلك إلى سبب يكون مرجعه إلى نفسه ولا يتضجر مما يسوءه فعل من يشكو أحدا أو ينسبه إلى ظلم أصابه من قبله لكن يضيف الأمرين إلى الله جل ثناؤه