" ادخلوا ولا تضاغطوا " فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع ، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا وبقي منه . فقال : " كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة " . متفق عليه .
وفي رواية قال جابر :
لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا فانكفأت إلى امرأتي فقلت : هل عندك شئ ؟
فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا . فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ، ولنا بهيمة داجن فذبحتها ، وطحنت ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها ، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه . فجئته فساررته فقلت : يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا ، وطحنت صاعا من شعير فتعال أنت ونفر معك . فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا فحيهلا بكم " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجئ " فجئت وجاء النبي صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي ، فقالت : بك وبك ! فقلت : قد فعلت الذي قلت . فأخرجت عجيننا فبسق فيه وبارك ، ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيه وبارك ثم قال :
" ادعي خابزة فلتخبز معك ، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها " وهم ألف ، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي ، وإن عجيننا ليخبز كما هو .
قوله " عرضت كدية " هي : قطعة غليظة صلبة من الأرض لا تعمل فيها الفأس . و " الكثيب " أصله تل الرمل . والمراد هنا :
صارت ترابا ناعما ، وهو معنى " أهيل " و " الأثافي " الأحجار التي يكون عليها القدر .
و " تضاغطوا " : تزاحموا . و " المجاعة " : الجوع وهو بفتح الميم . و " الخمص " بفتح الخاء المعجمة والميم : الجوع . و " انكفأت " : انقلبت ورجعت . و " البهيمة " بضم الباء تصغير