وتهديم دوره ، وانتساف زروعه ، وتقبض ضياعه ، وقتل رجاله ، وسباء نسائه وأطفاله . وغدا الأندلس مكتوم الأجل مكنون العلل ، أسير جوع وصريع شبع ، بادي الضعف . وكلما لاح بارق أمل تفتق عن بوائق ونتجت عنه مصائب ، فيتابع الأندلس مسيرته الهابطة .
لقد رافق الفتنة البربرية انجلاء الناس عن مدنهم وقراهم ، وذلك لسقوط مدينة في حرب داخلية أو عدوان خارجي ، أو بسبب من ظلم اجتماعي وتعسف ضرائبي وصراع عنصري . وزاد الحال ضيقا مع ملوك الطوائف نتيجة للثأرات بينهم وتحالفهم مع نصارى الشمال مع أتاوات تدفع . فتحيف ملوك الطوائف رعاياهم فتمزقت أوصال الأندلس وتبعثرت قواه ، وتحكمت الذاتية واستشرت الأنانية وضاعت الحقوق [1] .
فواتت الظروف نصارى الشمال الإسباني ، فتوسعوا على حساب المناطق الإسلامية الأندلسية ، وبدا وكأن الغلبة ستكون للنصارى الأسبان يوم استولى القشتاليون على طليطلة في 478 / 1085 ، وأصبح شعار الأندلسيين ، يومئذ ، قول ابن العسال :
حثوا رواحلكم يا أهل أندلس * فما المقام بها إلا من الغلط غير أن المرابطين الذين استنجد بهم الأندلسيون ، قد أنجدوا الأندلس وحفظوه أمدا يسيرا ، مستفتحين بانتصارهم في الزلاقة