أقول : هذا على افتراض أن ما ذكره المؤلف عن الخلفاء الراشدين من مخالفة الحديث ثابت عنهم ، وإلا فإني أقول : أين السند الصحيح بذلك عنهم ؟ وهذا أقل ما يجب على من يريد أن يرد حديث رسول الله ( ص ) بمخالفة غيره له ! ! وليس للمؤلف أي دليل أو سند في إثبات ذلك إلا اعتماده على ما ذكره النووي في " شرح مسلم " أنه : " ذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء ( يعني أكل لحم الجزور ، ، وممن ذهب إليه الخلفاء الأربعة الراشدون . . . " . وهذه الدعوى خطأ من النووي رحمه الله ، قد نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فقال في " القواعد النورانية " ( ص 9 ) : " وأما من نقل عن الخلفاء الراشدين أو جمهور الصحابة أنهم لم يكونوا يتوضؤون من لحوم الإبل ، فقد غلط عليهم ، إنما توهم ذلك لما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يتوضؤون مما مست النار ، وإنما المراد أن كل ما مست النار ليس سببا عندهم لوجوب الوضوء ، والذي أمر به النبي ( ص ) من الوضوء من لحوم الإبل ليس سببه مس النار ، كما يقال : كان فلان لا يتوضأ من مس الذكر ، وإن كان يتوضأ منه إذا خرج منه مذي " . قلت : ويؤيد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الطحاوي ( 1 / 41 ) ، والبيهقي ( 1 / 157 ) رويا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب أكلا خبزا ولحما فصليا ، ولم يتوضيا . ثم أخرجا نحوه عن عثمان ، والبيهقي عن علي . فأنت ترى أنه ليس في هذه الآثار ذكر للحم الإبل البتة ، وإنما ذكر فيها