كما قال المعلق عليه الدكتور شاكر ذيب فياض ، وهو شاهد قوي لرواية ابن جريج المتقدمة . وجملة القول ، أن المسألة لا يصح ادعاء الإجماع فيها لهذه الآثار وغيرها ، مما ذكره ابن حزم في " المحلى " ، الأمر الذي يذكرنا بقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى : " من ادعى الإجماع ، فهو كاذب ، وما يدريه لعلهم اختلفوا " . وصدق - جزاه الله خيرا - فكم من مسالة ادعي فيها الإجماع ، ثم تبين أنها من مسائل الخلاف ، وقد ذكرنا أمثلة منها في بعض مؤلفاتنا ، مثل " أحكام الجنائز " و " آداب الزفاف " ، وغيرها . وقد أشبع ابن حزم القول في مسألتنا هذه ، وذهب إلى أنه لا زكاة في عروض التجارة ، ورد غلى أدلة القائلين بوجوبها ، وبين تناقضهم فيها ، ونقدها كلها نقدا علميا دقيقا ، فراجعه ، فإنه مفيد جدا في كتابه " المحلى " ( 6 / 233 - 240 ) . وقد تبعه فيما ذهب إليه الشوكاني في " الدرر البهية " ، وصديق حسن خان في شرحه " الروضة الندية " ( 1 / 192 - 193 ) ، ورد الشوكاني على صاحب " حدائق الأزهار " قوله بالوجوب في كتابه " السيل الجرار " ( 2 / 26 - 27 ) ، فليراجعه من شاء . وقد رد عليه أيضا قوله بوجوب الزكاة على " المستغلات " [1] الذي تبناه بعض الكتاب في العصر الحاضر ، فقال الشوكاني رحمه الله ( 2 / 27 ) : " هذه مسألة لم تطن على أذن الزمن ، ولا سمع بها أهل القرن الأول ، الذين هم خير القرون ، ولا القرن الذي يليه ، ثم الذي يليه ، وإنما هي من الحوادث
[1] كالدور التي يكريها مالكها ، وكذلك الدواب ونحوها .