ومنها قول أبي زرعة يخه : " ذاهب الحديث ، روى أحاديث مناكير " . وفيه علة أخرى ، وهي الراوي عنه محمد بن سنان ، وهو القزاز البصري ، وهو ضعيف أيضا كما في " التقريب " ، ولذلك فإن الحافظ لم يصب حين أورد الحديث في " الفتح " ( 1 / 464 ) ساكتا عليه من رواية ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي ، وقلده في ذلك الشوكاني ( 1 / 250 ) ، كما هي غالب عادته ! ولا سيما وابن خزيمة قد ضعفه بالانقطاع الذي سبق بيانه ، فقال عقب الحديث : " هذا حديث غريب ، لم يسنده أحد أعلمه غير محبوب بن الحسن ، رواه أصحاب داود فقالوا : عن الشعبي عن عائشة خلا محبوب بن الحسن " . لكني وجدت لمحبوب متابعا قويا وشاهدا حسنه الحافظ ، فبادرت إلى إخراج الحديث في " الصحيحة " ( 2814 ) ، وقد رواه الشيخان من طريق عروة عن عائشة مختصرا بلفظ : " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر ، فأقرت صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر " . وهو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1082 ) . قوله بعد أن ذكر الخلاف في حكم قصر الصلاة في السفر : " وقالت المالكية : القصر سنة مؤكدة آكد من الجماعة ، فإذا لم يجد المسافر مسافرا يقتدي به صلى منفردا على القصر ، ويكره اقتداؤه بالمقيم " . قلت : هذه الكراهة مع كونها عارية عن الدليل ، فهي خلاف السنة التي رواها حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، قال موسى بن سلمة : " كنا مع ابن عباس بمكة ، فقلت : إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا ، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين ؟ قال : تلك سنة أبي القاسم ( ص ) " .