ومن ( صلاة الجماعة ) قوله : " صلاة الجماعة سنة مؤكدة " . قلت : لقد تساهل المؤلف في هذا الحكم ، فإن معنى كونها سنة مؤكدة عند الفقهاء أنه يثاب فاعلها ، ولا يعاقب تاركها ، فكيف يصح هذا في حق المتخلفين عن صلاة الجماعة ، وقد هم ( ص ) بحرق بيوتهم عليهم كما في الحديث الرابع في الكتاب . وقد قال ابن القيم : " ولم يكن ليحرق مرتكب صغيرة ، فترك الصلاة في الجماعة هو من الكبائر " . بل كيف يصح هذا مع قوله في ( ص ) للأعمى : " أجب " ، مع أنه فوق كونه أعمى ، ليس له قائد يقوده إلى المسجد كما في الحديث الثالث ، بل وفي طريقه الأشجار والأحجار كما في بعض الروايات الصحيحة في الحديث ، فهل هناك حكم اجتمع فيه مثل هذه القرائن المؤكدة للوجوب ، ومع ذلك يقال : هو ليس بواجب ؟ ! وكذلك قوله في الحديث السادس : " . . " . إلا قد استحوذ عليهم الشيطان . . . " ، فهو من الأدلة على وجوبها ، إذ إن من ترك سنة ، بل السنن كلها ، مع المحافظة على الواجبات ، لا يقال فيه : " استحوذ عليه الشيطان " ، كما يشير إلى ذلك حديث الأعرابي : " دخل الجنة إن صدق " ، وهذا بين لا يخفى . ويغلب على ظني أن المؤلف حين كتب هذه المسألة كان متأثرا بما قرأه في " نيل الأوطار " للشوكاني في هذا البحث ، فإنه عفا الله عني وعنه قد أجاب عن الأحاديث المقيدة للوجوب بأجوبة تصرفها إلى الندب في زعمه ، ولكن من يمعن النظر في تلك الأجوبة يعلم ضعفها وتكلفها ، ولا سيما والشوكاني لم يتعرض للإجابة عن كل أدلة الوجوب التي منها الحديث السادس ، ومنها حديث : " من