سمع النداء فلم يجبه ، فلا صلاة له إلا من عذر " ، وقد أورده المؤلف في الجمعة ، وعلقت عليه هناك بما فيه كفاية . بل سلم في " أبواب الأذان " أنه دليل على وجوب الأذان والإقامة ، قال : " لأن الترك الذي هو نوع من استحواذ الشيطان ، يجب تجنبه " . قلت : رواية أبي داود تدل على أن المراد بقوله : " لا تقام فيهم الصلاة " ، أي : صلاة الجماعة ، والشوكاني فهم من الحديث ما ذكرناه عنه ، لرواية أحمد له بلفظ : " ما من ثلاثة لا يؤذنون ، ولا تقام فيهم الصلاة . . . " ، وأنا لا أفهم منه إلا الجماعة ، ولو سلمنا أن المراد الإعلام عنها ب " الله أكبر الله أكبر . . . إلخ " ، فنقول للشوكاني : إذا سلمت بأن الحديث دليل على وجوب الأذان والإقامة ، فهو دليل على وجوب الجماعة من باب أولى ، لأن الأذان والإقامة بالنسبة للجماعة كالوسيلة مع الغاية ، فإذا وجبت الوسيلة ، فمن باب أولى أن تجب الغاية ، فتأمل . ومن أدلة الوجوب قوله تعالى : * ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك . . ) الآية ، وذلك من وجهين : أحدهما : أنه أمرهم بصلاة الجماعة معه في حال الخوف ، وذلك دليل على وجوبها حال الخوف ، وهو يدل بطريق الأولى على وجوبها حال الأمن . الثاني : أنه سن صلاة الخوف جماعة ، وسوغ فيها ما لا يجوز لغير عذر ، كاستدبار القبلة ، والعمل الكثير ، فإنه لا يجوز لغير عذر بالاتفاق ، وكذلك مفارقة الإمام قبل السلام عند الجمهور ، وكذلك التخلف عن متابعة الإمام كما يتخلف الصف المؤخر بعد ركوعه مع الإمام إذا كان العدو أمامهم . وهذه الأمور مما تبطل الصلاة بها لو فعلت لغير عذر ، فلو لم تكن الجماعة واجبة بل مستحبة ، لكان قد