ومن ( الحيض ) قوله في صدد سرد دماء الحيض : " ( د ) الكدرة : وهي التوسط بين لون البياض والسواد ، كالماء الوسخ ، لحديث علقمة بن أي علقمة عن أمه مرجانة مولاة عائشة رضي الله عنها قالت : كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء . رواه مالك ومحمد بن الحسن وعلقه البخاري " . قلت : مرجانة هذه لم يوثقها غير ابن حبان ، لكن قد تابعتها عمرة عن عائشة بمعناه . أخرجه البيهقي ( 1 / 336 ) ، وإسناده حسن [1] . والحديث وإن كان موقوفا فله حكم المرفوع لوجوه ، أقواها أنه يشهد له مفهوم حديث أم عطية المذكور في الكتاب عقب هذا بلفظ : " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا " ، فإنه يدل بطريق المفهوم أنهن كن يعتبرن ذلك قبل الطهر حيضا ، وهو مذهب الجمهور كما قال الشوكاني . وكنت قديما أرى أن الحيض هو الدم الأسود فقط لظاهر حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها المذكور في الكتاب ، ثم بدا لي وأنا أكتب هذه التعليقات أن الحق ما ذكره السيد سابق : أنه الحمرة والصفرة والكدرة أيضا قبل الطهر لهذا الحديث وشاهده ، وبدا لي أيضا أنه لا يعارضهما حديث فاطمة ، لأنه وارد في دم المستحاضة التي اختلط عليها دم الحيض بدم الاستحاضة ، فهي تميز بين دم الاستحاضة ودم الحيض بالسواد ، فإذا رأته تركت الصلاة ، وإذا رأت غيره صلت ، ولا يحتمل الحديث غير هذا . والله أعلم .