ولكن هذا الزعم ليس بصحيح ، فعبد الرزاق ثقة عند المحدثين ورواية من سمع منه قبل الاختلاط صحيحة . ثم إن مدار الحديث ليس على عبد الرزاق فقط بل لا يوجد عبد الرزاق أصلا في رواية أحمد والحاكم ورواية البيهقي الثانية .
ومما يدل على بطلان هذا الزعم أننا قد وجدنا في التاريخ من يدعي " أنه صاحب الرايات السود " قبل عصر العباسيين . وهو الحارث بن سريج وقد تقدم ذكره في مقدمة هذا الكتاب وأنه كان يدعي أنه صاحب الرايات السود ، وكان قد قتل في سنة 128 ه في عصر الخليفة الأموي مروان الحمار فهذا يدل على أن هذا الحديث كان معروفا قبل عصر العباسيين ولعلهم قد اتخذوا السواد شارة لهم ليطبقوا هذا الحديث على أنفسهم .
والله أعلم .
والإضافة في قوله " خليفة الله " إضافة تشريف مثل " بيت الله " و " ناقة الله " و " أهل الله " وليست بمعنى النائب عن الله لأن الله سبحانه وتعالى ليس له نائب .
وقد وردت كلمة " خليفة " في الأحاديث للدلالة على أمير المسلمين مثل الحديث الآتي في الباب الثاني من هذا الكتاب " من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا ، لا يعده عدا " وقد أخرجه مسلم وغيره .
وحديث حذيفة الذي أخرجه أبو داود : إن الناس كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر إلخ وفيه " إن كان لله خليفة في الأرض فضرب ظهرك الحديث " وهو حديث حسن كما في صحيح سنن أبي داود [1] فاستخدمت كلمة " خليفة " لقبا لأمير المسلمين وأضيفت إلى الله سبحانه وتعالى تشريفا وتكريما . والله أعلم .
وليس معنى هذا الحديث المبادرة إلى مبايعة كل راية سوداء خرجت