نام کتاب : المعيار والموازنة نویسنده : أبو جعفر الإسكافي جلد : 1 صفحه : 285
فسبحان الله كيف فارقوا الدور ونزل بهم من الله المحذور ، وصاروا إلى القبور واحتبروا دواهي تلك الأمور [1] فعلم كل عبد منهم أنه كان مغرورا ، فغير موصوف ما نزل بقلوبهم [2] اجتمعت عليهم خلتان : سكرة الموت وحسرة الفوت ، فاغبرت لها وجوههم وتغيرت لها ألوانهم ، وفترت لها أطرافهم ، وحركوا لمخرج أرواحهم أيديهم وأرجلهم ، وعرقت لها جباههم . ثم ازداد الموت فيهم فحيل بين أحدهم ومنطقه وإنه ليدير بصره في أهله يبصر ببصره ويسمع بسمعه ، وإنه على صحة من عقله قد منع كلامه [3] يفكر بعقله فيما أفنى عمره وفيما ذهبت أيامه ويتذكر أموالا جمعها [4] أغمض في مطالبها قد لزمه وبالها ، وأشرف على فراقها ، تبقى لمن وراءه فيكون المهنئ لغيره ، والمرء قد علقت بها رهونه ، فهو يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت وزهدا فيما كان يرغب فيه في حياته [ و ] يتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها أنها كانت له دونه . ثم لم يزل الموت يربده [5] ويبالغ في جسده حتى خالط الموت سمعه فصار / 84 / بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه ، يردد طرفه في النظر في وجوههم يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع كلامهم فما زال يزيده حتى خالط عقله فصار لا يعقل بعقله . ثم زاده الموت حتى خالط بصره فذهبت من الدنيا معرفته وهتكت عند ذلك حجته [6] .
[1] وفي نهج السعادة : " قد منعوا من الكلام ، وغابت منهم الأحلام ، وقد أجالوا الأفكار فيما أفنوه من الأعمار ، وتحسروا على أموال جمعوها وحقوق منعوها [ وقد ] أغمضوا في طلبها فلزمهم وبالها حين أشرفوا على فراقها . . " . [2] كذا في أصلي ، وانظر المختار : ( 348 ) من نهج السعادة : ج 2 ص 649 ط 1 . [3] وفي المختار : ( 109 ) من نهج البلاغة : " فغير موصوف ما نزل بهم " . [4] هذا هو الظاهر الموافق لما في نهج البلاغة ، وفي أصلي ، " وتذكر أموالا . . " . [5] كذا في أصلي ، فإن صح فلعل معناه ، يحبسه ويركده . وهذه الكلمة غير موجودة في نهج البلاغة ، وفي نهج السعادة : " ثم لم يزل الموت بالمرء يزيده ويبالغ في جسده . . " . [6] كذا في الأصل .
نام کتاب : المعيار والموازنة نویسنده : أبو جعفر الإسكافي جلد : 1 صفحه : 285