نام کتاب : المعيار والموازنة نویسنده : أبو جعفر الإسكافي جلد : 1 صفحه : 187
فهذه محنته يوم صفين مشبهة لمحنة هارون مع بني إسرائيل . [ فهذا الموجز يكفيكم ] لتعلموا أنه رحمه الله باستحقاق كانت منزلته من النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة هارون من موسى المصطفى صلى الله عليه بالاسم والمعنى . فتدبروا ما نحن واصفون من مناقب أمير المؤمنين معاشر المسلمين ، لتعلموا فضله على جميع العالمين ، وأنه قد برز على جميع الصديقين ، وفضل على جميع المجاهدين . ومتى قال قائل : قد كان ينبغي له يوم صفين أن يمضي بمن أطاعه إذ علم أن تلك مكيدة من القوم ، ويحمل بنفسه قدما على بصيرته ولا يجيبهم إلى الموادعة ، فلهذا من القول معارض في خلافه أقوى منه في وجه الرأي وباب الحزم ، لأنه لو فعل ذلك فقتل وقتل من معه ، لقال قائل : قد كان ينبغي إذا اختلف أصحابه وبقي وحده مع عصابة قليلة أن لا يعجل عليهم فيغرر بنفسه ويعرض / 58 / من معه ومن يرى رأيه للتلف والهلكة ويعز العدو بهذا من فعله ولو وادع العدو كان أبلغ في الرأي ليقوى الضعيف ويتثبت الشاك ويكثر الأنصار ، ويحقن الدماء فإن أجاب القوم إلى متابعته وإلا انكفأ عليهم راجعا وقد قوي جده واستبصر أصحابه وكثر أنصاره وانكشف للناس ظلم من خالفه ، وأنه لم يرد الله بما دعا إليه من الحكومة [1] . فهذان الرأيان في القول قد وقعا ، وأبلغهما وأقواهما في باب الحزم [ هو ] ما فعل رضي الله عنه ، لأن الأمة كانت إليه أحوج ، وصلاحها في بقائه أوضح لأنه هاديها وغياثها وقائدها إلى ما فيه رشدها . ولا أظن أحدا يتوهم أنه فعل ما فعل هيبة للحرب وخوفا من الموت ومحبة للبقاء ، ولكنه آثر النظر للدين وحيطة الإيمان ، وما هو أصلح للعباد . فلم يرض الناس إلا أبا موسى الأشعري ، واتفقت كلمة أكثرهم عليه .
[1] هذا هو الصواب الظاهر من السياق ، وفي أصلي : " وأنه لم يرد إلا الله . . " .
نام کتاب : المعيار والموازنة نویسنده : أبو جعفر الإسكافي جلد : 1 صفحه : 187