المصباح يأكل نفسه ، ويضيء للناس ، فلا تأثما في أمر تسوقانه إلى من لا يأثم فيكما ، فإن هذا الأمر الذي تحاولون اليوم لغيركم غدا ، فاتقوا أن يكون عملكم اليوم حسرة عليكم . فلجا وخرجا مغضبين يقولان : لا ننسى ما صنع بنا عثمان ، وتقول : ما صنع بكما ! ألا ألزمكما الله ؟ فلقيهما سعيد بن العاص ، وقد كان بين محمد بن أبي بكر وبينه شئ ، فأنكره حين لقيه خارجا من عند ليلى ، فتمثل له في تلك الحال بيتا : استبق ودك للصديق ولا تكن * فيئا يعض بخاذل ملجاجا فأجابه سعيد متمثلا : ترون إذا ضربا صميما من الذي * له جانب ناء عن الجرم معور فلما بويع الناس جاء السابق فقدم بالسلامة ، فأخبره من الموسم أنهم يريدون جميعا المصريين وأشياعهم ، وأنهم يريدون أن يجمعوا ذلك إلى حجهم ، فلما أتاهم ذلك مع ما بلغهم من نفور أهل الأمصار ، أعلقهم الشيطان ، وقالوا : لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل ، فيشتغل بذلك الناس عنا ، ولم يبق خصلة يرجون بها النجاة إلا قتله . فراموا الباب ، فمنعهم من ذلك الحسن وابن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص ومن كان من أبناء الصحابة أقام معهم ، واجتلدوا فناداهم عثمان : الله الله ! أنتم في حل من نصرتي فأبوا ، ففتح الباب ، وخرج ومعه الترس والسيف لينهنههم ، فلما رأوه أدبر المصريون ، وركبهم هؤلاء ونهنههم ، فتراجعوا وعظم على الفريقين ، وأقسم