إذن كان السبب الأول في وقعة الجمل الخلاف بالرأي في موضوع قصاص قتلة عثمان . دخل طلحة والزبير مع عدد من الصحابة على علي فقالوا : " يا علي ، إنا قد اشترطنا إقامة الحدود ، وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرجل ، وأحلوا بأنفسهم . فقال لهم : يا إخوتاه ، إني لست أجهل ما تعلمون ، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم ، ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبد انكم ، وثابت إليهم أعرابكم وهم خلالكم يسومونكم ما شاؤوا ، فهل ترون موضعا لقدرة على شئ مما تريدون ؟ قالوا : لا ، قال : فلا : والله لا أرى إلا رأيا ترونه إن شاء الله " . لقد كان موقف علي في غاية الوضوح ، كان راغبا في إقامة الحدود وإنزال القصاص بمن يستحقه . وربما كان يخطط بينه وبنى نفه لذلك . ولكن بعض زملائه من الصحابة أصروا على التدخل في الامر ، فهم حريصون على تطبيق ما أمر الله به ، لكنهم ، على ما يبدو ، قد أسرفوا في ذلك ، ومن هو في موضع المسؤولية يرى الأمور بمنظار غير الذي يراها به الآخرون . فتحتم وقوع الخلاف . و أراد طلحة والزبير أن يؤكدا عدم رضائهما باجراء فعلي . فاستأذنا عليا وتوجها إلى مكة المكرمة لأداء العمرة . وفي مكة المكرمة قررا ومعهما عائشة وكل من لا بمكة من أنصار عثمان التوجه إلى البصرة ، والامتناع هناك ، ولما علم بذلك علي ، الذي كان يعد جيشه للتوجه إلى بلاد الشام ، تحول إليهم . التقى الفريقان وهما ضمنيا أقرب إلى التفاهم إلى القتال . و لم يكن الخلاف ليؤدي إلى التصادم لولا أنه كان للثوار مصلحة في إسعار النار وتعميق الشقة ، لأن أي تفاهم سيعني إنزال العقاب بهم . وكانوا على ثقة من