وأهل البصرة فرق : فرقة مع طلحة والزبير ، وفرقة مع علي ، وفرقة لا ترى القتال مع أحد من الفريقين ، وجاءت عائشة رضي الله عنها من منزلها الذي كانت فيه حتى نزلت في مسجد الحدان في الأزد ، وكان القتال في ساحتهم ، ورأس الأزد يومئذ صبرة بن شيمان ، فقال له كعب بن سور : إن الجموع إذا تراءوا لم تستطع ، وإنما هي بحور تدفق ، فأطعني ولا تشهدهم ، واعتزل بقومك ، فإني أخاف ألا يكون صلح ، وكن وراء هذه النطفة ، ودع هذين الغارين من مضر وربيعة ، فهما إخوان ، فإن اصطلحا فالصلح ما أردنا ، وإن اقتتلا كنا حكاما عليهم غدا - وكان كعب في الجاهلية نصرانيا - فقال صبرة : أخشى أن يكون فيك شئ من النصرانية أتأمرني أن أغيب عن إصلاح بين الناس ، وأن أخذل أم المؤمنين وطلحة والزبير وإن ردوا عليهم الصلح ، وأدع الطلب بدم عثمان ! لا أفعل ذلك أبدا ، فأطبق أهل اليمن على الحضور . [ و ] لما رجع الأحنف بن قيس من عند علي لقيه هلال بن وكيع بن مالك ابن عمرو ، فقال : ما رأيك ؟ قال الاعتزال ، فما رأيك ؟ قال : مكانفة أم المؤمنين ، أفتدعنا وأنت سيدنا ؟ قال إنما أكون سيدكم غدا إذا قتلت وبقيت ، فقال هلال ، هذا وأنت شيخنا ؟ فقال : انا الشيخ المعصي ، وأنت الشاب المطاع . فاتبعت بنو سعد الأحنف ، فاعتزل بهم إلى وادي السباع ، واتبعت بنو حنظلة هلالا ، وتابعت بنو عمرو أبا الجرباء فقاتلوا .