وكان رسول أمير المؤمنين إلى معاوية سبرة الجهني ، فقدم عليه فلم يكتب معاوية بشئ ولم يجبه ، ورد رسوله ، وجعل كلما تنجز جوابه لم يزد على قوله : أدم إدامة حصن أو خذا بيدي * حربا ضروسا تشب الجزل والضر ما في جاركم وابنكم إذ كان مقتله * شنعاء شيبت الأصداع بعد واللمما أعيا المسود بها والسيدون فلم * يوجد لها غيرنا مولى ولا حكما وجعل الجهني كلما تنجز الكتاب لم يزده على هذه الأبيات حتى إذا كان الشهر الثالث من مقتل عثمان في صفر ، دعا معاوية برجل من بني عبس ، ثم أحد بني رواحة يدعى قبيصة ، فدفع إليه طومارا مختوما ، عنوانه : من معاوية : إلى علي . فقال إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار ، ثم أوصاه بما يقول وسرح رسول علي . وخرجا فقدما المدينة في ربيع الأول لغرته ، فلما دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره ، وخرج الناس ينظرون إليه ، فتفرقوا إلى منازلهم وقد علموا أن معاوية معترض ، ومضى حتى يدخل على علي ، فدفع إليه الطومار ففض خاتمه فلم يجد في جوفه كتابة ، فقال للرسول : ما ورائك ؟ قال : آمن أنا ؟ قال : نعم ، إن الرسل آمنة لا تقتل ، قال : ورائي أني تركت قوما لا يرضون إلا بالقود ، قال : ممن ؟ قال : من خيط نفسك ، وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم ، قد ألبسوه منبر دمشق . فقال : مني يطلبون دم عثمان ؟ ألست موتورا كتره عثمان ؟ اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان ، نجا والله قتلة عثمان إلا أن يشاء الله ،