ولما انتهوا إلى ذي قار انتهى إليه فيها عثمان بن حنيف وليس في وجهه شعر ، فلما رآه علي نظر إلى أصحابه فقال : انطلق هذا من عندنا وهو شيخ ، فرجع إلينا وهو شاب . فلم يزل بذي قار يتلوم محمدا ومحمدا . وأتاه الخبر بما لقيت ربيعة وخروج عبد القيس ونزولهم بالطريق ، فقال : عبد القيس خير ربيعة ، في كل ربيعة خير . وقال : يا لهف نفسي على ربيعة * ربيعة السامعة المطيعة قد سبقتني فيهم الوقيعة * دعا علي دعوة سميعة حلوا بها المنزلة الرفيعة قال : وعرضت عليه بكر بن وائل ، فقال لهم مثل ما قال لطيء وأسد . موقف أبي موسى الأشعري : ولما قدم محمد ومحمد على الكوفة ، وأتيا أبو موسى بكتاب أمير المؤمنين ، وقاما في الناس بأمره ، فلم يجابا إلى شئ ، فلما أمسوا دخل ناس من أهل الحجي على أبي موسى فقالوا : ما ترى في الخروج ؟ فقال : كان الرأي بالأمس ليس باليوم ، إن الذي تهاونتم به فيما مضى ، هو الذي جر عليكم ما ترون ، وما بقي إنما هما أمران : القعود سبيل الآخرة ، والخروج سبيل الدنيا ، فاختاروا . فلم ينفر إليه أحد ، فغضب الرجلان وأغلظا لأبي موسى ، فقال أبو موسى : والله إن بيعة عثمان رضي الله عنه لفي عنقي وعنق صاحبكما ، فإن لم يكن بد من قتال ، لا نقاتل أحدا حتى يفرغ من قتلة عثمان حيث كانوا . فانطلقا إلى علي فوافياه بذي قار وأخبراه الخبر ، وقد خرج مع الأشتر وقد كان يعجل إلى الكوفة ، فقال علي : يا اشتر ، أنت صاحبنا في أبي موسى والمعترض في كل شئ ، إذهب أنت وعبد الله بن عباس فأصلح ما أفسدت .