جلس حتى يصلي الفجر كتبت صلاته يومئذ في صلاة الأبرار وكتب في وفد الرحمن " " . وروى الإمام أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما : " " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوما الصبح ثم قال أشاهد فلان أشاهد فلان ؟ " " . وفيه أن هاتين الصلاتين يعني الصبح والعشاء أثقل الصلوات على المنافقين . وروى ابن ماجة مرفوعا : " " من غدا إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان ، ومن غدا إلى السوق غدا براية الشيطان " " . وروى مالك أن عمر بن الخطاب قال لرجل بات يصلي فغلبته عيناه على الصبح : لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نواظب على صلاة النوافل في البيت إلا بحق كصلاة العيد والكسوف مما شرعت فيه الجماعة وما أمر الله تعالى بفعل الفرائض في المسجد إلا لإظهار شعائر الدين ، فلو أنه لم يشرع فعلها في المسجد لم يقم للدين شعائر ، وأيضا فلولا مشروعية الجماعة في الفرائض لربما كسل بعض الناس عن فعلها ولو في البيت ، وما كل أحد يراقب نظرة الحق إليه ، ومن هنا قالوا حبل العبادة طويل لكون غالب المحجوبين يراعي المخلوقين فإذا لم يرى أحد ، منهم ينظر إليه فربما يتساهل في تلك العبادة فيتركها ، بخلافه إذا حضر موضع الجماعة ، ورأي الناس يصلون فإنه يزداد نشاطا إلى فعل تلك العبادة . وقد قال لي شخص مرة : لولا أن معي وظيفة الإمامة في المسجد ما وجدت قط عندي داعية على مواظبة صلاة الجماعة ، فهذا من حكمة فعل الفرائض في المساجد والنوافل في البيوت . والله تعالى أعلم . روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " " . قلت : هذا الحديث يشتمل على معنيين أن يكون المراد ترك النوافل في البيت أصلا فتصير كالقبور : أي لا صلاة فيها ، وأن يكون المراد به النهي عن جعل قبر الإنسان