على ذلك مصلحة دينية ترجح على تركه ، وهذا العهد قد كثر خيانة الناس له حتى لا يكاد يسلم منه تاجر ولا عالم ؟ ؟ فصاروا يعملون الحيلة في الربا ويكتبون ذلك في محاكم القضاة ويعترف أحدهم ويدعى الآخر بما ليس له بحق ، ثم يصير المرابي يطالب المرابي اسم مفعول ، فإن لم يعطه ما اتفق معه عليه يعترف له بزيادة على ذلك ثم يكتبونها كذلك ، فلا يزالون كذلك حتى تصير المائة دينار أكثر من ألف دينار ثم يمحق الله مال الجميع . فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ صادق يسلك به الطريق حتى يدخله حضرات القناعة وحضرة الزهد في الدنيا وتصير نفسه تقنع بالخبز الحاف اليابس من غير إدام ، ويلبس الحصر بدل الثياب ، ومن لم يسلك فمن لازمه محبة الدنيا غالبا وعدم صبره عن شهواتها فكلما طلبت نفسه شهوة تحمل الدين لأجلها ورضي بالربا له وعليه . وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول : والله لو أجبت نفسي إلى كل ما تطلب مني لخفت أن أكون شرطيا أو مكاسا . فاسلك يا أخي كما ذكرنا لتخلص من ورطة الربا والوقوع فيه والله يتولى هداك روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " اجتنبوا السبع الموبقات ، فذكر منهم : وأكل الربا وأكل مال اليتيم " " الحديث . الموبقات : المهلكات . وروى الشيخان مرفوعا : " " رأيت الليلة رجلين أتياني وأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر فيه رجل قائم وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمي الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فذكر الحديث إلى أن قال : فقلت ؟ ما هذا الرجل الذي رأيته في النهر ؟ فقال : آكل الربا " " . وروى مسلم والنسائي وأبو داود وغيرهم مرفوعا : " " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله " " وزاد ابن حبان وغيره : " " وشاهديه وكاتبه وقال هم سواء " " .