دنيوية ، وإن بعدت منهم كان لسوء ظنك وحب التميز عليهم كما هو مشاهد ، وأقل مراتب الشيخ إذا ظهر أن يكون أعبد من سائر مريديه وأعلم منهم وأزهد منهم وأورع منهم وأخوف من الله ، فلا تجد أتعب قلبا ولا بدنا من الشيخ إذا نصح في الطريق . وأما إذا غش نفسه وأتباعه فهو من حزب إبليس ، فإنه متى رأى المريد أنه أعلم أو أعبد من الشيخ عدم النفع به . * ( والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) * . روى مسلم عن عامر بن سعد قال : كان سعد بن أبي وقاص في إبله ، فجاء ابنه عمر فلما رآه سعد قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب ، فنزل فقال له أنزلت في إبلك وتركت الناس يتنازعون الملك ، فضربه سعد في صدره فقال اسكت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " إن الله تعالى يحب العبد التقي النقي الغني الخفي " " . قال الحافظ : والمراد بالغنى غنى النفس وهو القانع بما قسم له . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : " " أن رجلا قال : أي الناس أفضل يا رسول الله ؟ قال : مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، قال : ثم من ؟ قال رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه " " . وفي رواية : يتقي الله ويدع الناس من شره . وفي رواية لمالك والبخاري وأبي داود وغيرهم مرفوعا : " " يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها سعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن " " وسعف الجبال : أعلاها ورؤوسها . وروى الإمام أحمد والطبراني وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه واللفظ له عن معاذ ابن جبل قال : " " من جاهد في سبيل الله كان ضامنا على الله ، ومن عاد مريضا كان ضامنا على الله ، ومن دخل على إمام يعزره كان ضامنا على الله ، ومن جلس في بيته لم يغتب إنسانا كان ضامنا على الله " " .