وكان سيدي علي الخواص رحمه الله يقول : إذا زارت عيالكم بعض إخوانكم فلا تتكلفوا في الطبيخ عندهم ، وخففوا الأمر جهدكم ، فإن طبختم عندهم الطعام كلفتموهم إلى مثل ذلك ، ثم لا تناموا عندهم إلا إن كانت الدار واسعة المرافق تسعكم وتسعهم من غير مشاركة في دخول بيت الخلاء ، ويكون الزمان زمان صيف ، فإن كانت الدار ضيقة أو في ليالي الشتاء فارجعوا ناموا في بيوتكم . واستأذنه مرة بعض إخواننا فيما يطبخه عند أصهاره من الطعام ؟ فقال : تسمع نصحي ، فقال : نعم ، فقال : خذ أذناب البقر من قاعة الدهن واسلخها وفكك عظمها واسلقها في الماء ، فإذا علا الدهن فوق الماء فاقشط الدهن وكب الماء الزفر وضع في الدست ماء نظيفا واسكب الدهن عليه ، ثم حط عليه شوية أرز أو شوية دشيش قمح ، فقال : يا سيدي أستحيي أدخل لبيت أصهاري بأذناب البهائم ، فقال : يا ولدى إن الذنب لا ينظر أحد إليه بخلاف الأشياء الفاخرة وهذا لا يقدر عليه إلا من خلص حاله مع الله ولم يراع أحدا من وجوه العظم . وسمعت سيدي عليا المرصفي رحمه الله يقول : لا ينبغي للمريد أن يزور ولا يزار لغلبة الآفات عليه ، فلا هو مرصد للتربية ليقتدى به ولا المزور معد لتربيته ، وربما سمع من ذلك الشيخ الذي زاره كلمة موافقة لهواه فتسربها نفسه فهلك ، وأراد سيدي محمد الشناوي زيارة شيخ من مشايخ عصره فشاور شيخه الشيخ محمد بن أبي الحمائل رحمه الله فنظر إليه شزرا ، وقال : يا محمد لا ينبغي لمريد أن يأخذ عن شيخ إلا إذا علم أنه يكفيه عن جميع الناس ، فإن كنت لا أكفيك فكيف تقيدت علي في الظاهر وباطنك بخلافه ، فقال : يا سيدي التوبة فتاب ، قال : فما زرت بعد ذلك المجلس أحدا من المشايخ حتى مات شيخي . وسمعت أخي أبا الفضل يقول : قل أن يزور مريد مريدا إلا ويذكر كل منهما للآخر محاسن نفسه ، ويزكي كل منهما نفسه ، فيهلكان جميعا ، لأن إبليس لمثلهم بالمرصاد ، وغاية الزيارة أنها سنة ، وإذا جاءنا عن طريق تلك السنة معصية لا نقدر على السلامة منها تركنا السنة ، ولا شك أن تزكية الإنسان لنفسه حرام إلا لغرض صحيح ، كما زكى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بقوله : " " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع " " .