وروى الطبراني بإسناد حسن والحاكم مرفوعا : " " إن الله ليعمر بالقوم الديار ويثمر لهم الأموال ، وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم ، قيل : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال بصلتهم أرحامهم " " . وفي رواية للإمام أحمد مرفوعا : " " صلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق ، يعمران الديار ويزيدان في الأعمار " " . وروى الطبراني وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال : " " أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن أصل رحمي وإن أدبر " " . والله تعالى أعلم . ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أن نكفل اليتيم ونرحمه ونشفق عليه ونسعى على الأرامل والمساكين ، ونمسح رأس اليتيم ، ونرغب جميع أصحابنا في ذلك طلبا لرضا الله عز وجل ، ومرافقة لنبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ويتعين العمل بهذا العهد على كل من ربى يتيما لأنه ذاق ذل اليتم ، وعرف مقدار كسر خاطر اليتيم ، وقد امتن الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله * ( ألم يجدك يتيما فآوى ) * . إلى آخر النسق ، فنهاه عن قهر اليتيم ونهر السائل لذوقه ذلك ، وأمره بالتحدث بالنعمة . وقد حكى الشيخ شمس الدين الطنيخي ثم الغمري قال : " " تربيت يتيما عند سيدي الشيخ عثمان الحطاب رحمه الله ، فكان إذا رأى يتيما يرفرف عليه كالطير على فرخه ، قال : فرآني يوما وأنا أرمقه فقال لي : ما لك يا ولدي ؟ أنا ربيت يتيما ، وذقت طعم ذل اليتم وكسر الخاطر . وكذلك يقول مؤلفه إني ربيت يتيما فمات والدي وأنا ابن ثمان سنين وتركني مع إخوتي يتيما ، فكنت ربما أنظر الفاكهة تدخل بيت جيراننا فأقف أنظر إليهم وهم يأكلون ، فربما أعطوني الخوخة أو التينة أو الخيارة فأجد لها موقعا عظيما ، ولما كفلني والد تربيتي الشيخ خضر رحمه الله ، وأتى بي الريف إلى مصر وكساني ثياب ولده الذي مات في فصل السلطان قايتباي رحمه الله حصل لي لذة أجد طعمها إلى الآن في نفسي مع أن لحيتي قد شابت ، فاعلم ذلك يا أخي واشفق على اليتيم والمسكين ، يقيض الله تعالى لك من يفعل ذلك مع ذريتك ، كما وقع لجدي نور الدين رضي الله عنه فإنه كان يشفق على الأيتام والأرامل والمساكين والمجذومين ، ويحلب اللبن ويأكل مع المجذوم