أما إذا ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف ، فأحسنوا إليه " " الحديث . وروى ابن ماجة عن تميم الداري قال : " " كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل بعير يعدو حتى وقف على هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها البعير أشك ، فإن تك صادقا فلك صدقك ، وإن تك كاذبا فعليك كذبك مع أن الله تعالى قد أمن عائذنا وليس بخائب لائذنا ، فقلنا : " " يا رسول الله ما يقول هذا البعير ؟ " " قال : هذا بعير هم أهله بنحره وأكل لحمه فهرب منهم واستغاث بنبيكم صلى الله عليه وسلم ، فبينما نحن كذلك إذ أقبل صاحبه أو قال أصحابه يتعادون ، فلما نظر إليهم البعير عاد إلى هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاذ بها ، فقالوا : يا رسول الله هذا بعيرنا هرب منذ ثلاثة أيام فلم نلقه إلا بين يديك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما إنه يشكو إلي فبئست الشكاية ، قالوا : يا رسول الله ما يقول ؟ قال : يقول إنه ربى في أمنكم أحوالا وكنتم تركبون عليه في الصيف إلى موضع الكلأ وترحلون عليه في الشتاء إلى موضع الدفأ ، فلما كبر استعجلتم فرزقكم الله منه إبلا سائقة ، فلما أدركته هذه السنة الخصيبة هممتم بذبحه وأكل لحمه ، فقالوا : والله يا رسول الله كان ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا جزاء المملوك الصالح من مواليه ، فقالوا : يا رسول الله لا نبيعه ولا ننحره ، فقال : كذبتم قد استغاث بكم فلم تغيثوه ، أنا أولى برحمته منكم ، فإن الله نزع الرحمة من قلوب المنافقين وأسكنها في قلوب المؤمنين ، فاشتراه عليه الصلاة والسلام منهم بمائة درهم ، وقال : أيها البعير انطلق فأنت حر لوجه تعالى ، فرغا على هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عليه الصلاة والسلام آمين ، ثم رغا فقال : آمين ، ثم رغا فقال : آمين ، ثم رغا الرابعة فبكى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : يا رسول الله