responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 300


وذلك خروج عن الشرائع ، فاعلم أنه إذا كان من كشف له عن قسمة الحرام له يعصي بترك المدافعة فغيره ممن هو في حضرة الأوهام من باب أولى .
وقد أجمع أهل الكشف على أن العبد إذا كشف له عن اللوح المحفوظ من المحو ورأي الحق تعالى قد قدر عليه زنا أو شرب خمر لا يجوز له المبادرة إلى ذلك ، بل يدافع الأقدار جهده حتى يقع في غفلة أو حجاب فينفذ الله تعالى فيه قضاءه وقدره ، ولو أنه بادر لعصى ربه واستحق بذلك العقوبة زيادة على عقوبة تلك المعصية .
فتأمل ذلك واعمل عليه فإنك لا تجده في كتاب وعاشر أهل الورع من العلماء والفقراء وإياك وعشرة من لا يتورع فإن صفات العبد قد تكون مكتسبة ، ولذلك قالوا إن كل شئ رأيته في جليسك ربما ينتقل إليك ولو على طول من خير أو شر ، فمن خالط أهل الشر فكأنه تعاطى أسباب المعصية ، فيكون عقابه أشد عقاب مما وقع غفلة أو سهوا ، وها أنا أعطيتك ميزانا تعرف بها أهل الورع من غيرهم ، وهو أن كل من رأيته يزاحم عسكر السلطان في الجوامك ويطلب أن يكون له مسموح أو مرتب أو نظر على وقف أو كثرة وظائف فأبعد عنه وكل من رأيته يعرض الحكام عليه المال ويرده فأقرب منه فإنه يعينك على مقصودك ، ومن هنا قالوا ، من تمام التوبة هجر إخوان السوء الذين كان يعصى الله معهم ، فإنه إذا شاهدهم وهم يعصون على عادتهم خف القبح الذي كان عنده للمعصية وبالحري أن يرجع إلى فعل ما تاب منه ، فقد بان لك أن مجاهدة النفس في ترك الحرام والشبهات واجبة وأن المدار بعد ذلك على حماية الله للعبد أو عدم حمايته ، وأن العبد مثاب في مدافعته سواء قسم له ذلك أم لم يقسم وأنه لا ينبغي لمن قدم له طعام فيه شبهة فلم يأكل منه أن يرى نفسه على من أكل إلا من حيث الشكر لله على حمايته له لا غير ، وإلا فلو قسم له أكله لأكل منه كما أكل من رأى نفسه عليه .
وإيضاح ذلك أن بعض المتورعين ربما يقول في نفسه أنا كنت قادرا على أن آكل من طعام ذلك المكاس مثلا ، ولكني منعت نفسي هذا مع كونه غافلا عن شهود القسمة وهو وهم باطل ، فلم يتورع المتورعون ولم يزهد الزاهدون إلا فيما لم يقسم لهم وإنما أثابهم الله تعالى من حيث مدافعتهم للأكل من الحرام فقط ، وفي التحقيق ذلك حماية لهم من الله تعالى فاعلم ذلك :
* ( والله عليم حكيم ) * .

نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست