من اشتكى شريفا ابتاع منه تمرا وصار يقول للشريف أنت رافضي كلب مالك بن دينار ، ولعمري هذا الكلام لا يقع ممن شم رائحة محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن الشرفاء كلهم أولاده صلى الله عليه وسلم ، وإذا كرهوا أحدا من أصحاب والدهم أو سبوه فلا ينبغي أن يحكم بينهم إلا جدهم صلى الله عليه وسلم في الآخرة ، وأما نحن فإننا عبيد للفريقين ، وكيف يقول عبد لسيده يا كلب ؟ فألزم الأدب يا أخي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاده وأصحابه وجيرانه ، ولا تظهر الخصومة والعصبية لأولاده لأجل أصحابه ولا عكسه ، فإن مثل ذلك ليس إليك والله يتولى هداك . روى الشيخان مرفوعا : " " لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء " " . وفي رواية لمسلم وغيره : " " لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء " " . وروى الإمام احمد وغيره مرفوعا : " " من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي " " . ومن هنا كان جابر يقول : من أخاف أهل المدينة فقد أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى الطبراني بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل " " . قلت : يعني . والله أعلم لا فرض ولا نفل لأن الصرف هو الفريضة ، والعدل هو النافلة كما قاله سفيان الثوري ، وقيل الصرف هو النافلة والعدل هو الفريضة ، وقيل الصرف التوبة والعدل الفدية . قال : مكحول : وقيل الصرف الاكتساب والعدل الفدية ، وقيل الصرف الوزن والعدل الكيل ، وقيل غير ذلك . وروى الطبراني مرفوعا : " " من آذى أهل المدينة آذاه الله " " الحديث . والله تعالى أعلم .