لله تعالى رجالا يسمعون كلام من بينهم وبينه مسيرة ثلاثين ألف سنة وراثة إبراهيمية . وقد وقع لي في ابتداء أمري أني كنت أسمع كلام من في أقطار الأرض من الهند والصين وغيرهما ، حتى أني كنت أسمع كلام السمك في البحار المحيطة ، ثم إن الله تعالى حجب عني وأبقى معي العلم كي لا أنكر مثل ذلك على أحد . وكان سيدي أحمد بن الرفاعي يتكلم على الكرسي بأم عبيدة فيسمعه من حولها من القرى . * ( والله على كل شئ قدير ) * . وحكى الشيخ يوسف الحريثي رحمه الله قال : لما حججت سهرت ليلة في الحرم خلف المقام وكانت ليلة مقمرة فلما راق الليل دخل جماعة يخفق النور عليهم فطافوا وصلوا خلف المقام ، وجلسوا يسيرا ، فجاءهم شخص وقال : يعيش رأسكم في الشيخ علي ، فقالوا رحمه الله ، فقال : من يكون موضعه ؟ فقالوا : حسن الخلبوص بناحية زفتي بالغربية ، فقال : أناديه فقالوا نعم ، فقال يا حسن ، فإذا هو واقف على رؤوسهم عليه ثوب معصفر ، ووجهه مدهون بالدقيق وعلى كتفه سوط ، فقالوا له كن موضع الشيخ علي ، فقال على الرأس والعين وذهب ، فلما رجعت إلى بلادي فقصدته بالزيارة في خان بنات الخطاء فوجدت واحدة راكبة على عنقه ويداها ورجلاها مخضوبتان بالحناء وهي تصفعه في عنقه ، وهو يقول لها برفق ، فإن عيناي موجعتان ، فأول ما أقبلت عليه قال لي مبادرا يا فلان زغلت عينك ، وغرك القمر ما هو أنا فعرفته أنه هو ، وأمرني بعدم إشاعة ذلك . وحكى سيدي محمد بن عنان رحمه الله قال : حججت سنة من السنين فلما وقفت بعرفة قلت في نفسي ، يا ترى من هو صاحب الحديث اليوم في هذا الموقف ؟ فإذا بالقائل يقول لي : هو أبو علي معداوي دجوة ، فلما رجعت إلى مصر قصدته بالزيارة فإذا هو رجل زفر اللسان ، يشتم الناس وفي رجليه مركوب مكعوب ، وعمامته مخططة بأزرق كعمامة النصارى ، فأول ما رآني ، قال لي اكتم ما معك ، ثم عزم علي وأدخلني داره . وضيفني ، فقلت له بم نلت هذه المنزلة ؟ فقال لا أعلم ولكني رأيت صبيا في جامع في قماطه فأخذته وأعطيته لامرأة في بلد أخرى ترضعه وجعلت لها أجرة وأشاعت أنه ولدي ليس في ثدي أمه لبن ، فلم أزل أتردد إليه حتى كبر وفطم ، فإن كان الله تعالى أعطاني شيئا فهو لستري على أم المولود ، قال : ثم اخذ علي العهد بالتستر له ، وقال إياك ثم إياك أن تذكرني بذلك حتى أموت اه .