responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 166


تعالى ببادئ الرأي ولا يضيفها إلى الخلق إلا بعد تأمل وتفكر ، عكس من لم يسلك الطريق ، فإنه لا يكاد يشهد النعمة من الله تعالى إلا بعد تفكر وتأمل .
فاسلك يا أخي الطريق لتفوز بالأدب مع الله تعالى ومع خلقه كما أمرك ، فقال تعالى :
* ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) * .
وقد قرن الله تعالى السعادة بشهود الأمور كلها من الله ، وقرن الشر بشهودها من الخلق ، ومقام الكمال في السعادة شهود الأمور كلها ببادئ الرأي من الله خلقا وإيجادا ، ومن العبد نسبة وإسنادا لأجل إقامة الحدود وكأن لسان الحق تعالى يقول : من قتل نفسا بغير حق فاقتلوه ، ولو شهدتم أني قدرت عليه ذلك أو أني أنا الفاعل ، كما قال :
* ( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ) * .
فلا يسعنا إلا امتثال الأمر ، وكذلك الحكم على الزنا وشرب الخمر ونحوهما فكأنه قال تعالى من ظهر من جوارحه كذا فافعلوا به كذا ، فيقول سمعا وطاعة ، وأكثر الناس عمي عن تحقيق هذه المسألة فإما يضيفونها إلى الله تعالى فقط أو إلى الخلق فقط ، لكن من يضيفها إلى الله وحده أكبر أدبا ممن يضيفها إلى الخلق وحدهم غافلا عن الله تعالى .
وقد رأيت شخصا من خطاب الجامع الأزهر رسم له السلطان سليم بن عثمان مائة دينار لما صلى الجمعة في الجامع الأزهر وكانت نوبته تلك الجمعة ، فجاءه رفيقه ومنعه عن الخطبة ذلك اليوم لأجل المائة دينار ، فصار الخطيب الممنوع يحط على المانع وصرت أقول له : إن الله تعالى لم يقسم لك شيئا ، فيقول : هذا قد تسبب في قطع رزقي ، فقلت له :
ولو تسبب فليس هو بقاطع إنما هو آلة للقدرة الإلهية والحكم لمن حرك الآلة ، فحكمت حكم من ضرب بعصا فصار يسب العصا ، أو غرف له طعام بمغرفة فصار يمدح المغرفة ويشكرها بين الناس وينسى الفاعل بتلك الآلة ، فهذا حكمه على حد سواء عند أهل التحقيق ، ولا يخفى ما في ذلك من قلة العقل .
ثم قلت له : أين قولك في الخطبة كل جمعة : والله ثم والله لا يعطي ويمنع ويضع ويرفع إلا الله ؟ فقال قطعتني بالحجة ، ولو أن هذا سلك الطريق وبني أمره على التوحيد الكامل ما توقف في ذلك ولا احتاج إلى مجاهد ولا عادى أحدا عارضه في طريق وصوله إلى رزقه ، بل كان يرى كل شئ عورض فيه أن الله تعالى لم يقسمه له فلا يتعب نفسه .

نام کتاب : العهود المحمدية نویسنده : عبد الوهاب الشعراني    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست